الأوّل : أن يكون المراد من العذاب المنفي هو العذاب الاخروي لا الدنيوي.
الثاني : أن يكون المراد من الرسول هو الرسول الباطني ، وهو العقل ، والبعث بمعنى الاعطاء ، ولكن يحتمل أن يكون المراد من العذاب المنفي هو العذاب الدنيوي ومن الرسول الرسول الظاهري.
وعليه : يكون المراد منها هو الاخبار عن فعل الله سبحانه بالامم السابقة ، وأين هي دليل لما نحن فيه ، ولا ريب في أن هذا الاحتمال ضعيف فالأظهر أن بعث الرسول كناية عن البيان وقيام الحجة على التكليف بتوسط الارسال والانزال على التكليف.
فإن قيل : الكناية عبارة عن ذكر الملزوم وإرادة اللازم مع جواز إرادة الملزوم أيضا نحو زيد كثير الرماد لانه كناية عن جود زيد إذ فيه ذكر الملزوم وهو كثرة الرماد واريد اللازم وهو جوده ، وعليه فكيف يكون بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام قلنا إن بعث الرسول ملزوم وبيان الأحكام لازم البعث كما جعل الأذان كناية عن دخول الوقت في قول القائل إذا أذّن المؤذن فصلّ ، إذ الأذان ملزوم ودخول الوقت لازمه ، هذا عند الجمهور ، وأما صاحب مفتاح العلوم فيقول الكناية هي ذكر اللازم وإرادة الملزوم مع جواز إرادة اللازم أيضا.
والتفصيل موكول في محله ، وهو علم البيان ، وكذا ثمرة الاختلاف بين قول الجمهور ، وبين مذهب صاحب المفتاح موكولة فيه ، ولا ريب في أظهرية هذه الآية الشريفة على المدعى ، إذ هم الاصولي من إجراء البراءة في الشبهات تحصيل مؤمن من العقاب على مخالفة التكليف المجهول ، والآية المباركة تدل عليه صراحة ، فتكون أظهر الآيات على المراد.