أدلة الاحتياط
قوله : واحتج للقول بوجوب الاحتياط فيما لم تقم فيه حجة بالأدلة الثلاثة ...
واستدل الاخباريون القائلون بوجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية التحريمية بالأدلة الثلاثة : الكتاب والسنة والعقل ، سواء كان منشأ الشبهة فقدان النص أم كان إجماله أم كان تعارض النصين.
أما الكتاب : فبآيات عديدة ، ومنها الآيات الناهية عن القول بغير العلم والآيات الناهية عن الالقاء في التهلكة والآيات الآمرة بالتقوى.
وأما الآيات الناهية عن القول بغير علم فهي كثيرة ومنها قوله تعالى في سورة الأعراف : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(١). لأن همزة الاستفهام في (أَتَقُولُونَ) للتوبيخ أو للانكار وهما يدلان على قبح القول بغير علم.
وأما الآيات الناهية عن الالقاء في التهلكة فهي كثيرة أيضا ، ومنها قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) ، فالأولى أي (وَلا تُلْقُوا) تدل بالمطابقة على حرمة الالقاء والثانية أي (وَاتَّقُوا اللهَ) تدل عليها بالالتزام إذ لازم التقوى عدم الالقاء إلى التهلكة والالقاء يتحقق بترك الواجبات وفعل المحرّمات ، ومنها قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(٣).
تقريب الاستدلال بهذه الطوائف من الآيات المباركات : إن الحكم بالاباحة فيما يحتمل حرمته ، وذلك كشرب التبغ مثلا ، مع عدم قيام الحجة المعتبرة على حرمته قول بغير علم وهو مذموم نظرا إلى الآية الشريفة السابقة لأن همزة الاستفهام فيها توبيخية وكل مذموم منهي عنه ، فهذا منهي عنه أي القول في الشبهة التحريمية
__________________
١ ـ سورة الأعراف آية ٢٨.
٢ ـ سورة البقرة آية ١٩٥.
٣ ـ سورة آل عمران آية ١٠٢.