قوله : فتأمل جيدا ...
وهو إشارة إلى إن النزاع بين الاصوليين والاخباريين إنما يكون في الشبهات البدوية التحريمية بعد الفحص قال الاصوليون رضي الله عنهم بالبراءة فيها ، وذهب الاخباريون (رض) إلى وجوب الاحتياط فيها ولا نزاع بينهم في سائر الشبهات.
انحلال العلم الاجمالي
قوله : وامّا العقل فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترك ما احتمل حرمته ...
استدلّ الاخباريون القائلون بوجوب الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص بالدليل العقلي على نحوين :
أحدهما : ان الأصحاب رحمهمالله إلّا بعضهم قد اتفقوا بوجوب الاحتياط في أطراف العلم الاجمالي لأنّ العلم الاجمالي منجز للتكليف وكل منجز للتكليف موجب للموافقة القطعية ، فهذا موجب لها وهي لا تتحقّق إلّا بالاحتياط.
فإن قيل : ان الشبهات البدوية سواء كانت تحريمية أم كانت وجوبية غير الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي ، فوجوب الاحتياط فيها لا يستلزم وجوبه في الشبهات البدوية وهي محل البحث.
قلنا : انّهم قد أدخلوا الشبهات البدوية في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ؛ فإن قيل : كيف يدخلونها فيها ، وهي غيرها؟
قلنا : ان لنا علما إجماليا بوجود الواجبات في ضمن الشبهات الوجوبية وبوجود المحرّمات في بين الشبهات التحريمية ، فالعقل يحكم بوجوب الاحتياط فيها وهو يتحقّق بترك جميع المشتبهات التحريمية وباتيان تمام المشتبهات الوجوبية ، فذمّتنا يشتغل بهذه التكاليف لأجل العلم الاجمالي بها والاشتغال اليقيني