والتحقيق في سند اخبار من بلغ أوّلا وفي دلالتها ثانيا ، ويقال : ورد في عدّة من الروايات أنّه من بلغه ثواب من الله سبحانه على عمل فعمل التماس ذلك الثواب أوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه ، والتكلّم في سند هذه الروايات غير لازم إذ منها ما هو صحيح من حيث السند ، فالمهم هو البحث عمّا يستفاد منها فيقع البحث في مفادها والمحتمل في المفاد وجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : أن يكون مفادها هو الإرشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد للمولى العظيم ، وبترتّب الثواب على الإتيان بالعمل الذي بلغ عليه الثواب وان لم يكن الأمر كما بلغه.
الوجه الثاني : أن يكون مفادها اسقاط شرائط حجيّة الخبر الواحد في باب المستحبات من العدالة أو الوثاقة والتحرّز عن الكذب.
الوجه الثالث : أن يكون مفادها استحباب العمل بالعنوان الثانوي أعني به عنوان بلوغ الثواب عليه ، فيكون عنوان البلوغ من قبيل سائر العناوين العارضة على الأفعال الموجبة لحسنها وقبحها ولتغيّر أحكامها كعنوان الضرر والعسر والحرج والنذر والعهد واليمين ، وأمر الوالد ولده وأمر الامّ بنته ونحوها.
ولكن المناسب لما اشتهر بين الفقهاء رحمهمالله من قاعدة التسامح في أدلّة السنن والمستحبّات هو الاحتمال الثاني ، كما لا يخفى.
قوله : لا يقال هذا لو قيل بدلالتها على استحباب نفس العمل ...
قد سبق انا إذا سلمنا كون أخبار من بلغ دالة على استحباب العمل الذي دل عليه خبر الضعيف على كونه ذا ثواب فلا مورد للاحتياط حينئذ لأن العمل يؤتى به بعنوان كونه مستحبا شرعا.
وعلى ضوء هذا فاعترض المعترض بأن هذا البيان يصحّ إذا دلّ اخبار من بلغ على استحباب نفس ذاك العمل من حيث هو هو مثلا من صلّى نافلة الصبح فهو