في بيان حكم الشبهات الموضوعية التحريمية
قوله : الثالث انّه لا يخفى ان النهي عن شيء إذا كان بمعنى طلب ...
فالنهي عن الشيء ، نحو : شرب الخمر مثلا ، على قسمين :
أحدهما : يكون النهي متعلّقا بطبيعة شرب الخمر مثلا نحو لا نشرب الخمر ، ولا ريب في أن النهي إذا تعلّق بالطبيعة المطلقة فيجب ترك المنهي عنه بحسب إطلاقها وأفرادها في جميع الأزمنة وفي كل الأمكنة إذ لو وجدت الطبيعة في ضمن فرد في زمان من الأزمنة وفي مكان من الأمكنة ، فيتحقّق مخالفة النهي ولا يكون العبد ممتثلا ولا يعدّ مطيعا كما يكون لازم هذا التعلّق ترك شرب الخمر إذا كان المائع مشكوكا في كونه خمرا أو خلّا إلّا إذا كان هناك أصل يحرز به ترك شرب الخمر مثل ما إذا كان المكلّف تاركا له قبل شرب هذا المائع المشكوك كونه خمرا أو خلّا وبالفعل يكون تاركا له فإذا شرب هذا المائع المشكوك فلا يعلم أنّه شرب الخمر أم لا فنستصحب بقاء عدم شرب الخمر إلى حين شرب هذا المائع ويبقى الترك بحاله إذ يحرز بهذا الاستصحاب ترك الشرب بالمرّة.
وعلى هذا الأساس لا يجوز للمكلّف الاتيان بشيء يشك معه في ترك المنهي عنه وفي اعدامه خارجا ، وذلك كشرب المائع المشكوك ولا يجوز له شربه بحكم العقل من باب وجوب دفع الضرر المحتمل وهو احتمال عصيان المولى لأنّه يحتمل أن يكون خمرا واقعا وربّ احتمال يكون مطابقا للواقع ، كما لا يخفى.
والحال ان الطبيعة تتحقّق بتحقّق فرد في الخارج كما تتحقّق بتحقّق جميع أفرادها ومصاديقها.