عبارة عن الزام الشارع المقدّس المكلّف بإدراك مصلحة الواقع ؛ والبراءة الشرعية عبارة عن ترخيصه حين عدم احراز الواقع ، فالاحتياط الشرعي هو نفس التنجّز والبراءة الشرعية عبارة عن نفس التعذّر والاعتذار بحكم الشارع المقدّس فليس هنا شيء آخر يقوم مقام القطع في التنجّز والعذر والعذرية ، فليس في هذه الاصول المذكورة احراز الواقع أصلا كي تنجز الواقع وعلى تقدير الاصابة تستلزم التنجز وعلى فرض الخطأ تستلزم التجرّي أو الانقياد وليس الأمر كذلك ، بل الشارع المقدّس ، جعلها وظائف للجاهل المتحيّر في مقام العمل شرعا ، أو العقل حكم له في مقام العمل بالاحتياط. فالاحتياط امّا شرعي وامّا عقلي ، وكذا الحال في البراءة.
قوله : لا يقال ان الاحتياط لا بأس بالقول بقيامه ...
فزعم المتوهّم انّه لا مانع من قيام أصالة الاحتياط مقام القطع الطريقي ، إذ لا فرق بينها وبين الامارات المعتبرة ، مثلا : إذا قام خبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، فهذا الخبر منجّز لوجوبها إذا كان مطابقا للواقع وعذر للمكلّف إذا كان مخالفا له كما ان المكلّف يستحق العقاب على المخالفة والثواب على الموافقة.
وعليه : فإذا علمنا إجمالا بوجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة ، أو بوجوب صلاة الظهر فيه ، فهذا العلم الإجمالي منجز ومعذر على تقدير المصادفة والخطأ ، كما ان المكلّف يستحق العقوبة على المخالفة والمثوبة على الموافقة ، فالاحتياط في موارد العلم الإجمالي كالامارة والقطع في التنجيز والعذر والتنجّز.
فالنتيجة : أنه لا مانع من قيام أصالة الاحتياط مقام القطع الطريقي.
فلم قلت : ان أصالة الاحتياط لا تقوم مقام القطع الطريقي؟
أجاب المصنّف عنه : بأن الحاكم بالاحتياط امّا عقل وامّا شرع فإن كان المراد منه عقليّا فالمعنى المتصوّر له ان العقل يحكم به وحكم العقل بتنجّز الواقع