قلنا : ان الشكّ المأخوذ في موضوع الاصول هو الشك الوجداني واعتبار العلم في موارد جريانها تعبّدي ولا منافاة بينهما أصلا ، انّما التنافي بين الشك الوجداني والعلم الوجداني لا بين الشك الوجداني والعلم التعبّدي لاشتراط وحدات الثمانية في التناقض ومن جملتها وحدة الإضافة ، وفي هذا المقام ليست وحدة الإضافة بموجودة ، كما لا يخفى.
امّا لو كان هذا جمعا بين النقيضين فقد لزم التناقض في جميع موارد التنزيل كقول الصادق عليهالسلام : «الفقاع خمر استصغره الناس» وكقوله عليهالسلام : «الطواف بالبيت صلاة» فيقال : كيف يمكن أن يكون الفقاع خمرا مع انّه غيرها وجدانا؟ وكيف يمكن أن يكون الطواف صلاة مع انّه غيرها وجدانا أيضا؟
الجواب : ان الفقاع فقاع بالوجدان وخمر بالتعبّد ولا منافاة بينهما ، وكذا الطواف طواف بالوجدان وصلاة بالتعبّد الشرعي ولا منافاة في البين أصلا.
في قيام الاستصحاب مقام القطع
قوله : ثم لا يخفى ان دليل الاستصحاب أيضا لا يفي بقيامه ...
ولا يخفى عليك ان دليل حجّية الاستصحاب لا يكون أعلى شأنا من دليل حجّية الامارات.
فكما ان الامارات لم تقم بدليل حجيّتها مقام شيء إلّا مقام القطع الطريقي المحض ، دون الموضوعي منه سواء كان مأخوذا بما هو كاشف عن الواقع أم كان مأخوذا بما هو صفة من الصفات النفسانية كالشجاعة والجبن والكرم والبخل مثلا ، إلّا بدليل آخر يدلّ على تنزيلها منزلة القطع الموضوعي ؛ فكذلك الاستصحاب لا يقوم بدليل حجّيته واعتباره إلّا مقام القطع الطريقي المحض دون الموضوعي مطلقا ، إذ كلّ من المنزل والمنزل عليه ، وهما اليقين السابق والشك الفعلي ، امّا أن