ولكن المصنّف يقول : هذا لا يخلو من تكلّف بل تعسف ، إذ لا يخفى ان الحكم الثابت لمركب ذي أجزاء لا بدّ في مقام ترتّبه عليه من احراز أجزاء ذلك المركّب امّا وجدانا وامّا تنزيلا وامّا بعضها وجدانا وبعضها تنزيلا ، ولكن يشترط في صحّة التنزيل للجميع أن يكون تنزيل كل واحد في عرض تنزيل الآخر بحيث لا يكون أحد التنزيلين ناشئا من التنزيل الآخر بحيث يكون أحدهما متبوعا والآخر تابعا. فإنّه إذا كان كذلك لزم الدور حيث انّه يلزم توقّف كل واحد من التنزيلين على التنزيل الآخر ، امّا توقّف التنزيل التابع على التنزيل المتبوع فواضح لا يحتاج إلى التوضيح ، إذ هو مقتضى التبعية ، وامّا توقّف التنزيل المتبوع على التابع فلأنّه لولاه لكان لغوا حيث ان صحّة كل تنزيل بلحاظ الأثر الفعلي لذي المنزلة ولا ريب في ان الأثر الفعلي إنّما يثبت لذي المنزلة في ظرف انضمام بقية الأجزاء إليه لا في ظرف الانفراد وإلّا لم يكن موضوع الحكم مركّبا بل كان كلّ جزء موضوعا لحكم مستقل.
ففي رتبة التنزيل المتبوع إذا لم يكن الجزء الآخر محرزا بالوجدان ، أو لم يكن محرزا بتنزيل آخر في رتبة هذا التنزيل فلا يخلو من وجهين ، امّا أن لا يكون له أثر فعلي ، وقد عرفت انّه يمتنع التنزيل حينئذ ، وامّا أن يكون له أثر فعلي فيكون خلفا لكون المفروض أن الجزء ليس له وحده أثر بل يكون له أثر مع انضمام غيره إليه.
مثلا : قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء» ، فالموضوع لعدم الانفعال هو الماء مع كونه كرّا فلا يترتّب الحكم عليه ، وهو عدم الانفعال ، إلّا مع احراز كلا الجزءين ، وهما الماء والكر بالوجدان ، أو بالتعبّد الشرعي ، أو أحدهما بالوجدان والآخر بالتعبّد المذكور.
وعليه : فلا يمكن التعبّد بأحدهما إلّا مع احراز الآخر بالوجدان ، أو بالتعبّد لكن في عرض التعبّد بالأوّل إذا أحرز به ، إذ التعبّد انّما يكون بلحاظ الأثر