الثاني : شرعي كما في خصال الكفارة ، وهي عتق رقبة ، والصيام ، والاطعام. وسيجيء الفرق بينهما بحسب المورد في مبحث أصالة التخيير إن شاء الله تعالى. وقد علم ضمنا الفرق بينهما وهو أنه لا يمكن الجمع في العقلي ويمكن في الشرعي.
اعلم انّه على تقدير القول بوجوب الالتزام عقلا بالأحكام ، فالالتزام بها إجمالا وتفصيلا تابع للعلم ؛ فإن علم بالحكم تفصيلا وجب الالتزام به كذلك وان علم به إجمالا وجب الالتزام به كذلك أيضا ، ولا يجوز الالتزام به تفصيلا حينئذ لأن الموافقة الالتزامية التفصيلية تشريع ، مثلا إذا علمنا إجمالا بوجوب الاقامة أو باستحبابها ، فلو التزمنا بخصوص وجوبها أو بخصوص استحبابها فهذا الالتزام تشريع ، بل لا بدّ من الالتزام الاجمالي بحكم الواقعي.
ومن الواضح: ان الالتزام التفصيلي بما هو معلوم إجمالا تشريع فإن التشريع هو التديّن بما لا يعلم انّه من قبل الشارع الأقدس ، والالتزام التفصيلي ـ كالالتزام بخصوص وجوب الشيء الذي تردّد أمره بين الوجوب وبين الحرمة مع تردّد حكمه الواقعي بينهما ـ تديّن بما لا يعلم انّه من الشارع المقدّس وكذا الالتزام بخصوص حرمته حرفا بحرف.
ومن هذا يظهر : انّه في صورة الدوران بين الوجوب والحرمة ، لا بدّ من الالتزام بالحكم الواقعي إجمالا وان لم تجب موافقته عملا ، إذ الموافقة العملية القطعية متعذّرة والموافقة الاحتمالية ضرورية الثبوت فالموافقة الالتزامية مقدورة للمكلّف ولهذا قيل بوجوبها في هذا المقام ، والموافقة العملية القطعية متعذّرة فهي غير واجبة فانقدح بعض صور افتراق الموافقة العملية عن الموافقة الالتزامية فتجب الثانية ولا تجب الاولى.
كما ان الظاهر انّه لا ريب في وجوب الالتزام شرعا بكل ما جاء به النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم سواء كان حكما شرعيّا تكليفيّا أم كان حكما وضعيّا أم كان غيره ممّا