أحكام المكلف
قوله : فاعلم أنّ البالغ الذي وضع عليه القلم إذا التفت إلى حكم فعلي ...
فاعلم أنّ البالغ الذي وضع عليه قلم التكليف ـ وذكر الموصول مع صلته بعد البالغ للاحتراز عن المجنون لأنّه مرفوع القلم حتّى يفيق ، كما في الرواية ـ فالبالغ المذكور عبارة عن المكلّف الشأني.
فإن قيل : لم عدل المصنّف قدسسره عن التعبير بالمكلف إلى التعبير بالبالغ الكذائي؟
قلنا : لأنّه لا يصح جعل المكلف مقسما للأقسام الثلاثة ، إذ قيد الالتفات لإخراج غير الملتفت ، كالغافل ، والحال أنّه ليس بداخل فيه حتّى نحتاج إلى إخراجه لأن الغافل غير مكلّف بالفعل. نعم يصدق عليه البالغ الذي وضع عليه قلم التكليف. وعليه يكون قيد الالتفات لغوا ، ولكن القيد يكون لإخراجه عن البالغ لأنّ حصول القطع والظن والشك المذكور بالحكم الفعلي إنّما يكون للبالغ الملتفت لا لغير الملتفت كالغافل.
ولكن هذا تامّ إذا كان المراد من المكلف هو المكلف الفعلي الذي تنجز عليه التكليف بسبب العلم به ، وأمّا إذا كان المراد منه هو المكلّف الشأني فليس هذا بتامّ لأنّ الغافل عن الحكم الفعلي يكون داخلا في المكلّف الشأني فيصحّ حينئذ جعل المكلّف مقسما وإخراج الغافل منه بقيد الالتفات.
قوله : إلى حكم فعلي ...
واعلم أنّ للأحكام مراتب أربعة :
الاولى : مرتبة الاقتضاء أي اقتضاء المصالح لجعلها ، والمفاسد الواقعية لتقنينها.
والثانية : مرتبة الإنشاء.