ولا ريب في أنّ الحكم الذي تنفيه قاعدة نفي الضرر والضرار هو الحكم الثابت للفعل بعنوانه الأولي قبل عروض عنوان الضرر عليه ، ولا تنفى الحكم المترتّب على نفس عنوان الضرر بما هو ضرر.
وعليه فالوضوء ، أو الغسل قبل طرو عنوان الضرر عليهما قد تعلّق بهما حكم شرعي وهو الوجوب الغيري ، أو الندب النفسي ، وكل واحد منهما ثابت لهما في الشريعة المقدّسة. أمّا إذا طرأ عليهما عنوان الضرر فيرتفع به هذا الحكم الشرعي ولا يمكن أن يرتفع به الحكم الشرعي المترتّب على نفس عنوان الضرر كما إذا ضرّ زيد بعمرو مثلا فعليه كذا وكذا ، فإنّ الموضوع ، وهو الضرر والاضرار إذا تحقّق فلا يمكن رفع حكمه بل يقتضيه على نحو اقتضاء العلّة لمعلولها لأنّ الموضوع علّة للحكم وهو معلولها ، كما ان عنوان الضرر علّة لنفي الحكم وهو معلولها.
قوله : أو المتوهّم ثبوته لها كذلك ...
فالضرر في مثل الوضوء والغسل والصوم ممّا يرتفع به الوجوب الثابت لكل واحد منها بعنوانها الأولي لأنّ الوضوء بما هو وضوء واجب والغسل بما هو غسل واجب في الشريعة المقدّسة وكذا الصوم. أمّا في مثل الدعاء عند رؤية الهلال ونحوه ممّا هو شبهة بدوية للوجوب كالإقامة مثلا يرتفع بعروض عنوان الضرر عليه الوجوب المتوهّم ثبوته للدعاء عند الرؤية وللإقامة بعنوانهما الأوّلي.
بيان نسبة القاعدة مع أدلّة الأحكام الأولية ، أو الثانوية
قوله : ومن هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلّة نفيه وأدلّة الاحكام ...
لمّا فرغ المصنّف قدسسره عن بيان الجهة الاولى وهي بيان سندها والجهة الثانية وهي بيان دلالتها شرع في بيان الجهة الثالثة وهي توضيح نسبة القاعدة مع الأدلة الأحكام الثابتة للأفعال بعناوينها الأوّلية كأدلّة وجوب الصلاة والصيام