ثم ظهر لك بما تقدّم آنفا من بيان حال توارد العناوين الثانوية مع العناوين الأوّلية حال توارد العنوانين الثانويين كما إذا دار الأمر بين لزوم الضرر ولزوم العسر ، فالمالك إذا حفر البالوعة في داره ولكن تضرّر بها جاره. والحال أنّه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام وإذا لم يحفرها وقع المالك في الحرج الشديد والحال انّه قال الحكيم في كتابه الكريم (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) فيعامل معهما معاملة المتعارضين إن لم يثبت المقتضى إلّا في أحدهما ويعامل معهما معاملة المتزاحمين إذا ثبت المقتضى في كليهما جميعا فيقدم الأقوى منهما مناطا وان كان أضعف سندا وإلّا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى وان كان دليل الآخر أرجح وأولى. ولكن لا يبعد أن الغالب من توارد العارضين أن يكون من باب التزاحم لثبوت المقتضى فيهما فتوارد العارضين يكون غالبا من صغريات كبير التزاحم وليس غالبا من صغريات باب التعارض الذي يكون المقتضى فيه في أحد الدليلين فقط.
هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي ، أو مع عنوان ثانوي غير عنوان الضرر من التوفيق العرفي بين تعارض عنوان الضرر مع عنوان أوّلي ومن اجراء حكم التزاحم ، أو التعارض إذا تعارض عنوان الضرر مع عنوان العسر والحرج مثلا.
تعارض الضررين
قوله : واما لو تعارض مع ضرر آخر فمجمل القول فيه ...
وقد علم ممّا سبق حال عنوان الضرر وحال مطلق العناوين الثانوية كعنوان الخطأ وعنوان الاضطرار والاكراه والسهو والنسيان مع العناوين الأوّلية وقد علم
__________________
١ ـ سورة الحج آية ٧٨.