أيضا ممّا سبق ان المصنّف قدسسره ذهب إلى تقديم العناوين الثانوية على العناوين الأوّلية بالتوفيق العرفي بينهما في صورة تعارضهما وتواردهما. والشيخ الأنصاري قدسسره ذهب إلى حكومتها عليها وكذا علم ممّا تقدّم أيضا حال توارد العنوانين الثانويين بعضهما مع بعض ، وعلم انّه يقدّم الأهم ملاكا وأقوى مناطا إذا كانا من باب تزاحم المقتضيين وإلّا فيعامل معهما معاملة المتعارضين.
وامّا الفرق بين المتزاحمين والمتعارضين فسيأتي إن شاء الله تعالى في بحث التعادل والتراجح. ولكن بقي في المقام بيان حال توارد ضرر مع ضرر آخر.
قال المصنّف صاحب الكفاية قدسسره : انّ مجمل القول وخلاصة الكلام في الضررين دوران الأمر بينهما على أنحاء ثلاثة :
الأوّل : أن يدور الأمر بين ضرري شخص واحد ، كما إذا دار أمر زيد بن أرقم بين أن يلقي نفسه من أعلى الجبل فيتكسّر حينئذ رجله ، أو جنبه ، أو رأسه ، وبين أن يبقى في مكانه ومحله فيحترق جسمه ويموت.
الثاني : أن يدور الأمر بين ضرري زيد وعمرو كما إذا دخلت دابة زيد في دار عمرو بحيث لا تخرج منها إلّا بهدم بابها.
الثالث : أن يدور الأمر بين ضرر نفس شخص زيد وبين ضرر غيره ، كما لو كان تصرّف المالك في ملكه موجبا لتضرّر جاره وترك تصرّفه فيه موجبا لضرر نفسه وشخصه ، كما إذا دار الأمر بين أن يحفر بالوعة في بيته فيتضرّر جاره في بئره التي يستسقى منها وبين أن لا يحفرها فيتضرّر المالك في جدران بيته ، إذ تهدم بترك الحفر.
أمّا المصنّف قدسسره فقد قال في الاولين انّه يجب اختيار الضرر الأقل وتلزم مراعاة الضرر الأقوى إذا اختلفا في الرتبة ، وامّا إذا تساويا فيها فالمكلف يتخيّر عقلا