العلّة للحكم كما يقال : أكرم زيدا لأنّه عالم فهو تعليل بأمر ارتكازي لأنّ صفة الطول لا تناسب في نظر العقلاء علّة لوجوب الاكرام بخلاف صفة العلم ، وفي المقام حيثية اليقين الذي يطرأ ويعرض على موضوعه الشك ممّا يرتكز في أذهان العقلاء صلاحيته للحكم بعدم جواز النقض ولا ريب في أنّ هذا الارتكاز لا يختص بباب دون باب والقضية الارتكازية لا تختص بموضوع دون موضوع ، بل تعمّ جميع الأبواب والموضوعات فلا بد حينئذ من تعميم الحكم ، إذ لو بنى على تخصيصه بباب دون باب ، أي بباب الوضوء فقط ، لكان التعليل المذكور في قوله عليهالسلام فانّه على يقين من وضوئه تعبديا لا ارتكازيا وهو خلاف الأصل العقلائي في التعليل لأنّ الغرض من التعليل تنبيه المتكلّم المخاطب على وجه الحكم بحسب ما عند المخاطب.
وعليه فلو كان تعبّديا محضا فلم يترتّب عليه الغرض المذكور من التنبيه للمخاطب على القاعدة المرتكزة في الأذهان وهي عدم جواز نقض اليقين بالشك.
تقريب الاستدلال بالاخبار
قوله : واحتمال أن يكون الجزاء هو قوله فانّه على يقين ولا ينقض اليقين بالشك ...
لمّا فرغ المصنّف قدسسره عن الاحتمال الأوّل في الرواية شرع في الاحتمال الثاني وقال : وامّا احتمال أن تكون جملة فانّه على يقين نفس الجزاء للشرط ولا تكون علّة الجزاء الذي تنوب علّته منابه ولا يكون الجزاء هو المعنى الذي استفيد من كلمة (لا) ، أي فلا يجب عليه إعادة الوضوء.
وعلى هذا فالحديث لا يدل على حجّية الاستصحاب على نحو الكلي. والتوضيح : ان الامام عليهالسلام كان مراده من قوله فانّه على يقين من وضوئه إثبات حكم اليقين بالوضوء ولا يكون مراده منه صرف بيان الموضوع.