يكون الاضطرار على نحو التعيين ، أو على نحو التخيير ، سابقا على حدوث العلم الاجمالي ، أو لا حقا به. والوجه في ذلك كلّه أن التكليف الذي يكون موجودا بين الأطراف محدود من أوّل الأمر ومقيّد ابتداء بعدم عروض الاضطرار بمتعلّق العلم الإجمالي.
فالنتيجة : إذا اضطر المكلّف إلى بعض الأطراف فعلا ، أو تركا فينكشف من هذا الاضطرار ان متعلّق العلم الاجمالي لا يكون فعليا من جميع الجهات لأنّه يحتمل أن يكون الطرف المضطر إليه متعلّق العلم الاجمالي والاضطرار يوجب سقوط التكليف ؛ وأمّا بالإضافة إلى الطرف الآخر فأصل ثبوت التكليف فيه مشكوك وهو يكون مشمولا لأدلّة البراءة كحديث الرفع والوضع والحجب ، هذا كلّه إذا كان الاضطرار إلى بعض المعيّن.
وأمّا إذا كان الاضطرار إلى غير المعيّن فكما إذا علم أن أحد إناءيه لاقى النجس وبعد الملاقاة عرض العطش على المكلف ـ وهو فاقد للماء ـ لكونه في الصحراء مثلا فلا بدّ له أن يشرب أحدهما لحفظ نفسه من الهلاك ، ففي جميع الموارد يكون الاضطرار مانعا عن فعلية التكليف ولا يكون العلم الاجمالي منجزا للتكليف.
ولهذا لا يجب الاحتياط في الطرف الآخر ، والوجه كما سبق وهو عبارة عن أن التكليف المعلوم بالاجمال محدود بعدم طروّ الاضطرار في المعلوم وفي متعلّق التكليف فإذا عرض على بعض الأطراف الاضطرار سواء كان إلى بعض المعيّن ، أم ان إلى بعض غير المعيّن ، إذ لا يبقى للمكلّف حينئذ العلم بالتكليف ، إذ يحتمل أن يكون أن يكون التكليف في الطرف المضطر إليه ، أو يحتمل أن يكون في الطرف الذي اختاره لرفع الاضطرار وفي الطرف الآخر يكون مشكوكا فيه.
قوله : لا يقال الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس كفقد بعضها ...
«واستشكل المستشكل» بأنّه إذا فقد بعض الأطراف فالعلم الاجمالي منجز