ويحتمل أن يكون سماه : يوم البروز ، والمصير ، والرجوع ، وما ذكر ؛ لأن المقصود من إنشاء الدنيا وما فيها من الخلائق ذلك اليوم وتلك الدار ، وكذلك صار إنشاء الدنيا وإنشاء ما فيها حكمة ؛ لما عرف أن الإنشاء للإفناء خاصة ليس بحكمة ، فخص ذلك اليوم بما ذكرنا وإن كانوا في جميع الأحوال بارزين إليه ظاهرين له ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ).
ظاهر ، وهو رد لقول من يقول : إن شيئا يستر على الله [تعالى الله] عن ذلك علوّا كبيرا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
قال عامة أهل التأويل : إذا أهلك الله تعالى أهل الأرض وأهل السماء فلم يبق أحد إلا الله تعالى ، فعند ذلك يقول : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ فلا يجيبه أحد ، فيقول هو في نفسه ويجيب نفسه : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، لكن هذا بعيد لا يحتمل أن يقول : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ولا أحد سواه ، ويجيب نفسه : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ؛ لما لا حكمة في ذلك : أن يسأل نفسه ثم يجيبها ، لكن الوجه فيه ـ والله أعلم ـ أنه إنما يقول لهم ذلك إذا بعثهم وأحياهم : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ فيقول الخلائق له بأجمعهم : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، يقرون له جميعا يومئذ بالملك والربوبية وإن كان بعض الخلائق في الدنيا قد نازعوه في الملك فيها وادعوا لأنفسهم ، فيقرون يومئذ أن الملك في الدنيا والآخرة لله تعالى ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ).
أي : من خير أو شر.
(لا ظُلْمَ الْيَوْمَ).
أي : لا تجزى غير ما كسبت.
ويحتمل (لا ظُلْمَ) أي : لا نقصان في الحسنات التي عملوها ، ولا زيادة على السيئات التي اكتسبوها ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ).
قد ذكرنا هذا أيضا ، والله أعلم.
وقوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ).
سمى ذلك اليوم [الآزفة] لقربه ودنوه منه ؛ وعلى ذلك سماه : غدا ، وقريبا ؛ كقوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر : ١] ، وقوله : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ ...) الآية [الأنبياء :