وقوله : (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه كان ذلك من فرعون يقول : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) يمنعني عن قتله إن كان صادقا فيما يدعي من الرسالة ؛ لأن من أرسل رسولا ، فهم أحد قتله أو الضرر به ، منعه المرسل عن ذلك ، فعلى ذلك يقول ، والله أعلم.
والثاني : يكون ذلك أمرا من الله ـ عزوجل ـ موسى بالدعاء على فرعون بالهلاك ؛ لما هم قتله ، وعلى ذلك الرسل ـ عليهمالسلام ـ قد أذن لهم بالدعاء على فراعنتهم ومعانديهم ومكابريهم إذا بلغوا في العناد غايتهم والتمرد نهايتهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ).
قد كان هناك تبديل الدين فإنه قد أظهر موسى ـ عليهالسلام ـ دين الحق وآمن أتباعه ، لكن كأنه أراد ـ والله أعلم ـ بقوله : (أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) ، أي : يذهب بدينكم من الأصل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ).
ذكر اللعين ، وسمى إظهار التوحيد في الأرض ودين الإسلام : فسادا ليعلم أن كل مدع شيئا وإن كان مبطلا في دعواه فعنده أنه على حق وأن خصمه [على] باطل ؛ فلا يقبل قول أحد إلا ببرهان ، والله أعلم.
ويحتمل أن فرعون اللعين أراد بقوله : (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) قتل أبنائهم أي : يقتل موسى أبناءكم مجازاة لما قتلتم أنتم أبناءهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ).
يحتمل قوله : (مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ) ، أي : متكبر على التوحيد.
ويحتمل متكبر على الرسل لا يؤمن بما يدعوه الرسول إلى الإيمان بيوم الحساب ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩) وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ