عملوا من الأعمال.
وقال بعضهم : الأشهاد : هم الرسل يشهدون عند رب العالمين على الكفرة بالتكذيب والرد.
وقال بعضهم (١) : يشهد عليهم الجوارح يومئذ بما كان منهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ).
ذكر هاهنا : (لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) ، وذكر في موضع آخر : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) وبينهما اختلاف من حيث الظاهر ؛ لأن القول بأنه لا ينفع معذرتهم بعد وجودها منهم ، وقد أخبر أنه لا يؤذن لهم بالاعتذار ، لكنهم يعتذرون بلا إذن لهم ، فلا يقبل اعتذارهم ولا ينفعهم ذلك ؛ فيكون جمعا بينهما من هذا الوجه.
ويحتمل لا ينفع الظالمين معذرتهم لو كان منهم الاعتذار ، ولا يقبل اعتذارهم ، لكن لم يؤذنوا بالاعتذار حتى يعتذروا ؛ وهو كقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) [البقرة : ١٢٣] ، أي : لو كان منهم فذلك لا يقبل ، وكذا قوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر : ٤٨] أي : لو كانت لهم شفعاء يشفعون لهم ، لكان لا ينفعهم شفاعتهم لا أن كان شفعاء ؛ فعلى ذلك قوله تعالى : (لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) ، أي : لو كانوا يعتذرون لا يقبل اعتذارهم ولا ينفعهم معذرتهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى).
يحتمل الهدى هاهنا وجوها :
أحدها : أي : آتيناه التوراة وفيها البيان والدعاء إلى الرشد ، وجميع كتب الله تعالى فيها هدى ونور ورحمة.
والثاني : أي : آتاه التوحيد والإسلام.
ويحتمل : آتاه النبوة والرسالة ، وآتاه كل ما لله عليه من حق ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ).
يحتمل قوله : (الْكِتابَ) : التوراة خاصة ، ويحتمل التوراة وسائر الكتب ؛ لأن الكتب في بني إسرائيل كانت كثيرة ، كان فيها التوراة والزبور والإنجيل وغير ذلك ، فجائز أن يريد بالكتاب : جميع الكتب التي كانت فيهم ؛ إذ ذكر الكتاب بالألف واللام ، وإنه يحتمل الجنس والعهد ؛ فيجوز الصرف إلى التوراة لمكان العهد ، ويجوز الصرف إلى
__________________
(١) جمع زيد بن أسلم الثلاثة أقوال في تفسير هذه الآية ، أخرجه ابن جرير ، وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥ / ٦٦١).