الجميع لمكان الجنس ، والله أعلم.
وفي الآية دلالة أن لا جميع كتب الله التي أنزلت فيهم غيرت وبدلت ، بل فيهم ما لم يغير ولم يبدل حيث قال : (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ. هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ).
ثم قوله ـ تعالى ـ :
(هُدىً) : هو ما ذكرنا أن جميع كتب الله تعالى هدى من الضلالة إلى الرشد ، وبيان لما لله عليهم وما لبعض على بعض.
وقوله : (وَذِكْرى) قال بعضهم : موعظة.
وقال بعضهم : تفكرا لأهل اللب والعقل.
وجائز (ذِكْرى) ، أي : ذكر ما سبق ، أي : يذكرهم ما نسوا.
وقوله : (لِأُولِي الْأَلْبابِ) ؛ لأن أهل اللب هم الذين يتفكرون ويتأملون فيه ، أو أن أهل اللب هم المنتفعون بالذكرى وما ذكر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) ، يحتمل قوله : (فَاصْبِرْ) وجوها :
أحدها : التكذيب ، كان يتأذى بتكذيبهم إياه.
والثاني : كان يتأذى باستهزائهم به.
والثالث : أنواع ما يكيدون : من همهم قتله وضربه وغير ذلك.
والرابع : يحتمل قوله تعالى : (فَاصْبِرْ) ، أي : اصبر على تبليغ الرسالة إليهم ، ولا يضجرك تكذيبهم إياك ، ولا يمنعك ذلك عن تبليغها ، والله أعلم.
والخامس : اصبر ولا تستعجل لهم العذاب قبل ميقاته ، وذلك أن الرسل ـ عليهمالسلام ـ كانوا لا يستعجلون العذاب ما لم يؤذن لهم بذلك ، والله أعلم.
ثم قوله : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) إن كان المراد من وعده نفس الوعد ؛ فيكون تأويله : إن وعد الله صدق ، أي : لا يخلف ، ولا يكون كذبا ؛ لأن خلف الوعد في الشاهد إنما يكون لأحد معنيين :
إما لعجزه عن القيام بوفائه.
وإما لضرر يخاف أن يلحقه لو قام بوفاء ما وعد ، والله تعالى بريء عن المعنيين جميعا متعال عن ذينك.
وإن كان المراد من قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) ، أي : موعود الله ؛ فيكون تأويله : إن موعد الله تعالى لكائن حقّا ، فوعد الله تعالى على الوجهين اللذين ذكرناهما ، وعلى هذا يذكر أمر الله تعالى : قد يراد به نفس الأمر ، كقوله : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ