لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ)(٨١)
وقوله : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ).
قد ذكرنا هذا أيضا.
وقوله : (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ).
كأنه كان يتوقع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نزول ما وعد لهم ويخطر ذلك بباله ، ويطمع ذلك ، فنهاه عن توقع نزول العذاب الذي وعد للكفرة في الوقت الذي يطمع فيه ، وعن الخطر بباله النصر له وإهلاك أولئك في الوقت الذي يتوقع ، كأنه يقول : إن شئنا أريناك بعض الذي نعدهم ، وإن شئنا توفيناك ولم نرك شيئا ؛ وهو كقوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) [آل عمران : ١٢٨] ، وإلا ظاهر قوله : (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) حرف شك لا يحتمل ذلك من الله تعالى ؛ إذ هو يعلم أنه يفعل ذا أو لا يفعل ، أو يكون ذا أو لا يكون ، لكن الوجه فيه ما ذكرنا : أنه كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يطمع نزول ما وعد ، ويحدث نفسه بذلك ، فيقول له : ليس ذلك إليك ، إنما ذلك إلينا على ما ذكرنا ، والله أعلم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : «هذه الآية من المكتوم ؛ لأن ظاهره شك».
وفي الآية دلالة الرسالة ؛ لأنها خرجت مخرج العتاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والتوبيخ له ، ثم أظهر ذلك على الناس ، والسبيل في مثله في عرف الناس الإخفاء والإسرار عن الناس ؛ فدل أنه إنما أظهر عليهم للأمر بالتبليغ ، وكذلك في قوله ـ تعالى ـ : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) [آل عمران : ١٢٨] ؛ إذ المرء لا يظهر مثل ذلك من غير أمر وتكليف ممن وجب عليه طاعته ، والله الموفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) يقول : لست أنت بأول رسول أرسلت إليهم فاستعبدوك وأنكروك وكذبوك ، بل قد أرسل إلى الأمم السالفة رسل مثل ما أرسلت أنت إلى هؤلاء.
وقوله : (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ).
في الآية دلالة : أنا لم نؤخذ بمعرفة أعين الرسل وأساميهم على التعيين ، كما أنا لا نؤخذ بالإيمان بالله ـ تعالى ـ بجميع ما جاء منه على التفصيل والتعيين بأساميهم ؛ لكن على الجملة ، وعلى هذا قلنا : إن الإيمان برسول واحد إيمان بجميع الرسل ؛ إذ المرء