[الزمر : ٦٧] ، فهن كلهن دنيويات فانيات ، دل أن قوله : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) أي : التي دنت منكم وهي مقابل القصوى ، لا مقابل الآخرة ، والله أعلم.
وقوله : (وَحِفْظاً) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أي : حفظناها وجعلناها محفوظة بما ذكر من أن يسترق الشياطين والجن أسماعهم إلى خبر السماء ، وما يتحدث به الملائكة فيما بينهم فيلقون ذلك على أسماع أهل الأرض ، على ما كانوا يفعلون من قبل ، أي : حفظناها بالكواكب التي جعل فيها ؛ لترميهم الكواكب وتقذفهم ؛ ليكون سماع ذلك من جهة الوحي عن لسان الرسول صلىاللهعليهوسلم دون إلقاء من ذكر ، وهو كما ذكر في آية أخرى حيث قال : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ* وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ* لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ...) الآية [الصافات : ٦ ـ ٨]. ويحتمل وجها آخر : (وَحِفْظاً) أي : حفظناها على ما هي حتى لا تسقط على الخلق ؛ كقوله : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) [فاطر : ٤١] ، وقوله تعالى : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) [الحج : ٦٥] ونحوه.
وقوله : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
يقول : ذلك الذي ذكر كله وصنع هو تقدير العزيز العليم ، أي : تقدير من لا يعجزه شيء ولا يخفى عليه شيء.
ويحتمل قوله : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي : تقدير من له العز الذاتي والعلم الأزلي ، لا أنه قدر ذلك وصنع ليستفيد بذلك العز أو العلم ؛ إذ هو عزيز بذاته وعليم بذاته ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
كانت معروفة عندهم ظاهرة أنها نزلت بهم ؛ دل قوله تعالى : (أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) أن صاعقة عاد كانت معروفة عندهم ظاهرة أنها نزلت بهم ؛ لتكذيبهم الرسل وتركهم إجابتهم إلى ما دعوا إليه ، حيث خوف هؤلاء بذلك كأنه يقول : أنذرتكم بتكذيبكم إياه وترككم إجابتي إلى ما دعوتكم إليه بالذي نزل بعاد وثمود ، وتكذيبهم الرسول الذي أرسل إليهم وتركهم الإجابة إلى ما دعوا إليه ، والله أعلم.
وقوله : (صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) لم يرد به عين عذاب أولئك ومثله في رأي العين ، ولكن مثله في الهلاك والاستئصال ؛ ألا ترى أن عذاب عاد وثمود كان مختلفا في رأي العين : عذاب عاد خلاف عذاب ثمود [و] هما في المعنى واحد؟! فعلى ذلك ما أوعد هؤلاء بمثل عذاب عاد وثمود ، لم يرد مثله في رأي العين ، ولكن في المعنى ، وهو