ظَنًّا) [الجاثية : ٣٢] ونحوه.
قال : وذكر أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول ويحدث ذلك عن ربه تعالى : «عبدي ، أنا عند ظنك بي ، وأنا معك إذا دعوتني» (١).
وقال الحسن : إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم ، فأما المؤمن فأحسن بربه الظن ، فأحسن العمل ، وأما الكافر والمنافق ، فأساء به الظن ؛ فأساء العمل ، ثم تلا قوله ـ عزوجل ـ : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ...)(٢) الآية ، وقال : الجلود : كناية عن الفروج.
وفي حرف حفصة : وما كنتم تخشون ، وفي حرف أبي وابن مسعود : ولكن زعمتم أن الله لا يعلم كذا ؛ وكذلك في حرفهما : فذلكم زعمكم الذي زعمتم والزعم في كلام العرب : الكذب (٣) ، وفيه يستعمل.
وقوله ـ تعالى ـ : (أَرْداكُمْ).
قال بعضهم (٤) : أهلككم ، والردى : الهلاك ، وقيل : أورد المهالك.
ويحتمل (أَرْداكُمْ) أي : أغواكم وأضلكم على ما ذكرنا.
وقوله : (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) ، هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : أي : فإن يصبروا على ما هم عليه من الأعمال إلى أن ختموا به ، فالنار مثوى لهم في الآخرة.
والثاني : أي : فإن يصبروا في الآخرة فالنار مثوى لهم ، أي : لا ينفعهم الصبر على ذلك ، ولا يكون الصبر سبب الفرج عن ذلك ؛ وهو كقوله ـ سبحانه وتعالى ـ خبرا عنهم : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) [إبراهيم : ٢١] ، فيكون أحد التأويلين في الدنيا والثاني في الآخرة.
وقوله : (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ).
معناه ـ والله أعلم ـ : وإن يستقيلوا ما كان منهم فما هم من المقالين ، أي : أثقال ذلك منهم ولا يرضى عنهم وإن استرضوا.
__________________
(١) أخرجه البخاري في التوحيد (١٣ / ٣٩٥) باب قول الله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) (٧٤٠٥) وانظر : (٧٥٠٥ ـ ٧٥٣٦ ـ ٧٥٣٧) ، ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٤ / ٢٠٦١) باب الحث على ذكر الله تعالى (٢٦٧٥).
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٠٥٠٠).
(٣) ثبت في حاشية أ : الزعم في كلام العرب. م.
(٤) قاله السدي أخرجه ابن جرير (٣٠٤٩٩).