نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وغير ذلك.
أو عالم ما غيبتم في أنفسكم وأسررتم من تكذيبكم بمحمد صلىاللهعليهوسلم وما أشهدتم عليه ضعفتكم وأتباعكم من نهيكم إياهم عن اتباعه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
إما عيانا تقرءونه في كتابكم يوم القيامة ، أو ينبئكم بما كنتم تعملون بالجزاء إن خيرا فخير وإن شرّا فشر ، والله المستعان.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(١١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) ، هذا السعي يحتمل وجهين :
أحدهما : أن أقبلوا على العمل الذي أمرتم به وامضوا فيه.
والثاني : واسعوا في المشي وأسرعوا ، لأن السعي في المشي هو السرعة فيه ، والسعي في الأعمال هو الإقبال عليها والمبادرة إليها ، فإن كان المراد من هذا السعي في المشي فخروج الآية مخرج الترهيب والتضييق ؛ ألا ترى إلى قوله : (وَذَرُوا الْبَيْعَ) كيف أمرك بترك البيع وقد يمكن البيع في حال المشي ، وإلى قوله : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) كيف أمر بالانتشار في الأرض بعد الفراغ من الفريضة دون أن يذكر هنالك شيئا في أدائها ، ولو كان المراد منه الترغيب ، لكان يأمره بالعدو إليها ؛ فدلت هذه المعاني أن تخرج الآية على الترهيب والتضييق ، وإن كان السعي في سائر الصلاة المفروضة غير مندوب إليه ؛ على ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ، ولا تأتوها وأنتم تسعون ، عليكم بالسكينة والوقار ، وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» (١) فاختص الجمعة به ؛ لما ذكرنا من التضييق هاهنا والتوسيع في سائر الصلاة ، ولكن الأشبه أن المراد من السعي هو الإقبال على أدائها والتأهب لها والمبادرة إليها ، والسعي مستعمل في هذا ؛ قال الله تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ)
__________________
(١) أخرجه البخاري (٢ / ٣٩٠) كتاب الجمعة ، باب : المشي إلى المساجد (٩٠٨) ومسلم (١ / ٤٢٠ ـ ٤٢١) كتاب المساجد ، باب : استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة (٢٥١ / ٦٠٢) من حديث أبي هريرة بلفظ : «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون ، عليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا».