والبسط ، والأخذ والتسليم ؛ بما جعل في طبعهما (١) احتمال ذلك ، وإذا كان كذلك ، فقد ثبت الخلق فيما يعمل بيديه وفيما يرى بعينيه (٢) ويسمع بأذنيه ، والله الموفق.
وقوله : (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
في تدبيره ؛ إذ دبر لسان الإنسان على ما إذا استعمله يخرج منه الكلام ، وإذا أراد [أحد](٣) أن يتعرف المعنى الذي به صلح للنطق ، لم يقف عليه ، ودبر قلبه (٤) على أن يصور ما يقع فيه من الخيال ، فيؤديه بلسانه ، ودبره على وجه يصلح أن يدع الأسرار والودائع من وجه لو أراد الخلائق أن يتعرفوا الوجه الذي صلح القلب أن يكون مصورا وحافظا ومعدنا للأسرار ، لم يقفوا عليه.
وقيل : اللطيف : هو الذي لا يعزب عنه علم ما جل ودق.
وقيل : اللطيف بعباده في الإحسان إليهم والإنعام عليهم ، الخبير بما فيه مصالحهم.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٢٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها ..). الآية.
وإذا ذلل لكم الأرض ؛ لتمشوا في مناكبها ، وتأكلوا من رزقه ، فلا يجوز أن يكون خلقا عبثا باطلا ، فلا بد من الرجوع إليه ، ليسألكم عما له خلق ، أوفيتم بالذي خلق له ، أو لم تفوا ؛ وذلك أن المرء في الشاهد إذا أعطى إنسانا مالا استعمله في جهة من الجهات ، فلا بد من أن يرجع إليه فيسأله هل استعمله في الذي أذن له فيه أم لا؟
وإذا ثبت أنه لم يخلقها عبثا باطلا ، وإنما خلقت للمحنة ؛ فلا بد من أن ينشروا إليه ؛ ليخبروه عما بلاهم به وامتحنهم.
ثم احتمل أن يكون هذا صلة قوله : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ) [الملك : ٢] ،
__________________
(١) في ب : طبعها.
(٢) في أ : بعينه.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : قوله.