وقوله ـ عزوجل ـ : (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ).
أي : ستعلمون حال نذري الذين أنذروكم بالعذاب أنهم كانوا محقين فيه ولم يكونوا كاذبين كما زعمتم.
أو ستعلمون ما أنذركم به (١) إذا وقع العذاب.
وقوله : (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ).
يذكرهم حال من تقدمهم من المكذبين وما حل بهم من النكير ؛ ليرتدعوا عن التكذيب ؛ فلا يحل بهم ما حل بأولئك.
ثم قوله : (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي : كيف كان إنكاري عليهم أليس وجدوه شديدا و (٢) حقّا؟!
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ).
قيل : صافات بأجنحتها لا يتحرك منها شيء ، ويقبضن فما يمسكهن إلا الله تعالى في الحالين جميعا ، أعني : القبض والبسط.
وقال في آية أخرى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النحل : ٧٩] ، [والجو : هو الهواء.
ثم قوله : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)](٣) ، أي : لآيات للمؤمنين على الكفرة ، وهكذا شأن الآيات إنما جعلت آيات للمؤمنين والأولياء على الكفرة والأعداء ؛ لأن الكفرة تصل إليهم الآيات على ألسن الرسل والأنبياء والأولياء ، فجعلت الآيات آيات للمؤمنين ؛ ليحتجوا بها على أهل الكفر.
ثم الهواء ليس بمكان يمسك ما عليه من الأشياء مثل السماء والأرض فيما أنشئتا على حد يمسكان الأشياء ويقر عليهما الخلائق ، وإذا كان كذلك [فإن الله](٤) تعالى بلطفه أمسك الطير وقت طيرانها ووقت قبضها (٥) في الهواء ، ومن قدر على إمساك الطير مع ثقله (٦) وتقريره في مكان لا تقر فيه الأشياء ، لقادر على ما يشاء.
ثم في هذه الآية إنباء : أن لله تعالى في أفعال الطير صنعا وتدبيرا على ما يشاء ؛ لأن
__________________
(١) في أ : ما أريدكم بها.
(٢) في ب : أو.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : فالله.
(٥) في ب : قبضهم.
(٦) في أ : وقفه.