[سورة ن والقلم وهي مكية](١)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤)
[قوله ـ عزوجل ـ : (ن)](٢) ، اختلف في تأويل نون :
فمنهم من يقول (٣) : هو الحوت ؛ كقوله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) [الأنبياء : ٨٧] فنسبه إلى النون وهو الحوت ؛ ألا ترى إلى قوله : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) [الصافات : ١٤٢].
ومنهم من يقول : «النون» هو الدواة ، فتأويل (٤) هذا على جهة الموافقة ؛ لأنه ذكر القلم وما يسطر به ، فلم يبق [هاهنا سوى](٥) الدواة ؛ فحمله على الدواة ؛ لأجل الموافقة ، لا أن يكون فيه معنى يدل على إرادة الدواة منه ، والله أعلم.
ومنهم من يقول : هي فارسية معربة «أنون كن» ، أي : اصنع ما شئت ، يقال (٦) هذا عند الإياس : أن المرء إذا أيس عن آخر قال له : اصنع ما شئت إذن. ومنهم من يقول : هو من الحروف المقطعة ، ويشبه أن يكون كذلك ؛ لأنه ذكر القلم وما يسطر على أثره ، وإنما يكتب بالقلم ويسطر الحروف المعجمة ، فأخبر ـ تعالى ـ عظيم صنيعه (٧) ولطفه بإنشائه هذه الحروف وخلقه القلم وما يسطر عليه ؛ حيث يوصل بها إلى معرفة (٨) الحكمة وكل ما يكون به المصلحة من الدين والدنيا ، بل جعل قوام الدين والدنيا بها.
ومنهم من يجعل (٩) كل حرف من الحروف المعجمة اسما من أسماء الله تعالى ، أو افتتاح اسم من أسمائه ، وكذلك يروى عن بعض الصحابة (١٠) ـ رضي الله عنهم ـ أنه قال
__________________
(١) في ب : ذكر أن سورة (ن والقلم) مكية.
(٢) سقط في ب.
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٤٥٣٣) وعبد بن حميد وابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٣٨٨) وهو قول ابن جريج أيضا.
(٤) في ب : فتأويله.
(٥) في ب : إلا.
(٦) في ب : فقال :
(٧) في أ : صنعه.
(٨) في ب : تعرف.
(٩) في أ : يجعلوا.
(١٠) منهم ابن عباس ، انظر : الدر المنثور (٦ / ٣٨٨).