وقوله ـ عزوجل ـ (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ).
أي : اختاره واصطفاه للرسالة ؛ ألا ترى إلى قوله : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧].
[وقوله : (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
فهذا وصف كل نبي في الآخرة](١).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ..). [الآية](٢).
منهم (٣) من يقول : هذا على التحقيق ، وصرف ذلك إلى قوم بأعيانهم قد عرفوا بخبث الأعين وحلول الآفات بمن يعينونه من أهل الشرف والتبجيل ، ثم الله ـ تعالى ـ بفضله عصم رسوله صلىاللهعليهوسلم فلم يتهيأ لهم أن يعينوه ، فكان فيه تقرير رسالته وآية نبوته عند أولئك الكفرة.
فإن قال قائل : إنهم كانوا يعدون رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المجانين ، ويقولون : إنه لمجنون ، والمجنون لا يعان ، وإنما يعان أهل الشرف والحجا وذوو الأحلام والنهى ، فما أنكرت (٤) أنه سلم من الآفة حتى يقصد إليه بالعينة.
فجوابه أنهم وإن كانوا يعدونه من جملة المجانين ، فإنهم سمعوا منه ذكرا عجبا وهو القرآن ، ومن أعطي مثل ذلك الذكر والشرف ، فهو مما (٥) يقصد إليه بالحسد ، فكانوا يعينونه لذلك المعنى ، ثم لم يضره كيدهم ، ولا نفذت فيه حيلهم ؛ فأوجب ذلك تنبيههم (٦) أنه رسول من الله تعالى.
ومنهم من حمله على التمثيل ليس على التحقيق ، فيقول : وإن يكاد (٧) الذين كفروا لشدة بغضهم وعداوتهم إياك ، ليزلقونك بأبصارهم ، كما يقال : نظر إلى فلان نظرا كاد أن يقتلني ، فيقوله على التمثيل.
ثم قوله : (لَيُزْلِقُونَكَ) أي : يسقطونك ويصرعونك.
وقوله : (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) وهو القرآن.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : فمنهم.
(٤) في أ : فأنكرت.
(٥) في ب : ما.
(٦) في أ : بينهم.
(٧) في ب : كاد.