وفي الشمس الضياء ؛ لأن القمر يكون في وقت الحاجة إلى النور ، وذلك في ظلمة الليل ، ثم الله تعالى أنشأ الليل لنسكن فيه ، لكن قد يبدو للخلائق بالليل حوائج يحتاجون إلى قضائها ؛ فمن الله تعالى عليهم بنور القمر ؛ ليتوصلوا [بنوره إلى قضاء حوائجهم](١) ، وجعل الشمس ضياء ؛ ليختطف ضوؤها نور الليل ، ويغلب عليه ، ولا يختطف نور النهار (٢) نور الشمس ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) :
جائز أن يكون [أضاف الإنبات](٣) إلى الأرض ، ويرد ذلك إلى الأصل الذي خلق من التراب ، وهو آدم ـ عليهالسلام ـ فنسب الفرع إلى الذي منه خلق الأصل ؛ لحدوثه (٤) منه ، لا أن يكون خلق الجملة من التراب ، وهو كقوله ـ عزوجل ـ : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) [الذاريات : ٢٢] ، والذي لنا في السماء هو المطر لا الذي يرزق [به](٥) ، ولكن الذي يرزق به أصله المطر ، فنسب إلى المطر ؛ لأنه هو الأصل الذي يتوصل به إلى الإرزاق ؛ فكذلك الخلائق لما كانوا من نسل آدم ـ عليهالسلام ـ وكان هو أصلا لهم ، أضيف النسل إلى الأصل ؛ الذي حدث منه الأصل.
ويحتمل أن يكون يرجع هذا إلى كل في نفسه ؛ وذلك لأن حياة الأبدان (٦) وقوامها بالذي يخرج من الأرض ، وينبت منها من أنواع الأغذية ، فإذا كان قوامها بما ينبت منها ، فكأنما أنبتنا منها ؛ فاستقام أن يضاف الإنبات إليها ، كما يستقيم أن يضاف خروج الثمار إلى الأرض (٧) وإن كان حدوثها من الأشجار ؛ إذ قوام الأشجار وبقاؤها بها ؛ فنسب ما يخرج منها إلى الأرض (٨) على التقدير الذي ذكرنا.
ففي قوله : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) على التأويل [الأول](٩) إثبات القدرة على البعث وإلزام الحجة على من يجحد كونه ؛ لأنه يذكرهم قدرته أنه أنشأهم من الأرض ، ولم يكونوا شيئا ، فمن قدر على إنشائهم من الأرض بعد أن كانوا ترابا ، لقادر على أن
__________________
(١) في ب : إلى قضاء حوائجهم بنوره.
(٢) زاد في ب : و.
(٣) في ب : الإنبات أضيف.
(٤) في ب : بحدوثه.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : الأبرار.
(٧) في أ : الأرضين.
(٨) في ب : الأرضين.
(٩) سقط في ب.