فإنه هو الإله ، وهو المستحق للعبادة](١) من كل أحد.
وجائز أن يكون أريد بالدعاء العبادة ؛ قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «الدعاء مخ العبادة» (٢) ، وقال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر : ٦٠] ؛ فجعل دعاءهم إياه عبادة منهم له ؛ فيكون قوله : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) ، أي : لا تشركوا غيره معه في العبادة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) :
[منهم من يقول : إنهم (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)](٣) على جهة الرغبة فيه [والموالاة](٤) له ؛ فقوله (٥)(كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) ، أي : كاد يلتصق بعضهم إلى بعض مثل اللبد ليتصلوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم [أو (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ) ، أي : على رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٦) ، كادوا يلتصقون برسول الله ؛ حبا لما سمعوا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو حرصا على حفظ ما سمعوا أو تعجبا مما سمعوا ؛ فكانوا يحرصون على حفظ ما سمعوا ؛ لأنهم كانوا من منذري الجن ؛ فحرصوا على حفظه ووعيه ؛ لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ؛ وتعجبوا مما سمعوا ؛ لأنهم سمعوه من مكان لم يكن مكان قراءة الكتب ، وسمعوا من الأمي الذي لم يقرأ كتابا (٧) قط ، ولا عرف المكتوب ؛ فتعجبوا منه أشد التعجب.
والتلبد (٨) : التصاق الشيء بالشيء التصاقا لا يفصل بعضه عن (٩) بعض ، وسمي اللبد : لبدا من هذا ؛ لأن الصوف يلتصق بعضه ببعض حتى لا يميز.
ومنهم من زعم أنهم فعلوا [هذا ؛ لشدة](١٠) معاداتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فيكون على هذا منصرفا إلى الكفرة ؛ الإنس منهم والجن ، فيخبر أنهم اجتمعوا وتظاهروا ؛ ليطفئوا نور الله ، فأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره ، فإن كان منصرفا إلى الكفرة ، فقوله : (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ
__________________
(١) في ب : لأن الإله على الحقيقة هو الله تعالى ، وهو المستحق للعبودية.
(٢) أخرجه الترمذي (٣٣٧١) ، والطبراني في الأوسط (٣٢٢٠) وقال الترمذي : هذا حديث غريب ، يعني ضعيف.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : لبدا ، وموالاتهم.
(٥) في ب : فبقول.
(٦) سقط في ب.
(٧) في ب : الكتاب.
(٨) في أ : واللبد.
(٩) في ب : من.
(١٠) في ب : هذه الشدة.