يَدْعُوهُ) معناه : [أي](١) : لما قام محمد صلىاللهعليهوسلم [يدعو إلى الله ويوحده](٢) ، ويدعو الخلق إلى عبادته وطاعته ـ همّ المشركون من [الإنس والجن](٣) ، وتلبدوا على هذا الأمر أن يطفئوه ؛ فأبى الله تعالى إلا أن ينصره ويمضيه.
وإن كان هذا من أهل الإسلام من الجن ، والدعاء راجع إلى العبادة ؛ فكأنه يقول : لما قام بعبادة الله تعالى وهي الصلاة ، كادوا يكونون عليه لبدا ؛ لشدة حرصهم في تحفظ ما سمعوا ، وشدة حبهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولما سمعوا.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)(٢٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً) ، فيه إخبار عن دينه : أن دينه التوحيد ، لا الإشراك بالله تعالى ، وإخبار عما يدعو الخلق إليه ، وذلك توحيد الله تعالى والقيام بطاعته.
وجائز أن يكون هذا على أثر سؤال منهم ، ودعوتهم إلى عبادة الأصنام ؛ على ما ذكر في الأخبار أنهم قالوا : إنا نعبد إلهك يوما ، وتعبد آلهتنا يوما ، وهو كقوله ـ عزوجل ـ : (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ* تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ ..). الآية [غافر : ٤٠ ، ٤١].
وجائز أن يكون كلاما مبتدأ يؤيسهم ، ويقنطهم ، ويقطع طمعهم عن عوده إلى ما هم عليه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً) :
أي : ضرّا في الدين ، ورشدا في الدين ، والأصل في الأسماء المشتركة أن ينظر إلى مقابلها ، فيظهر مرادها بما يقابلها ؛ قال الله تعالى : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) [الجن : ١٤] ، والقاسط : الجائر ، وقد يكون غير الكافر جائرا ، ثم صرف الجور إلى
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : يوحد الله تعالى.
(٣) في ب : الجن والإنس.