الذي وجد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فجائز أن يكون وجد منه [ذلك كله ، وهو أن يكون قريبا من الثلثين ، وقريبا من النصف ، وأدنى من الثلث ؛ على ما ذكره أهل المقالة الأولى ، ويكون قد قام](١) أدنى من ثلثي الليل ، وقام نصفه وثلثه ، وأدنى من نصفه وأدنى من ثلثه ، فذكر في الثلثين الأدنى ؛ لما وجد منه الأدنى من جهة الزيادة والنقصان ، ولم يوجد موافقة الثلثين ، وأخبر بالنصف والثلث بالأمرين جميعا ؛ لوجود الموافقة ، وهو أن يكون قام نصف الليل ، وقام ثلثه ، وقام أدنى من النصف ، وأدنى من الثلث ، وإذا كان هذا كله محتملا ، لم يجز أن يدفع أحد الوجهين ، ويتمسك بالوجه الآخر ؛ وهذا كقوله تعالى : (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) [الإسراء : ١٠٢] ، فقرئ برفع التاء ونصبه جميعا ؛ لما وجد الأمران جميعا ، وهو أن يكون موسى ـ عليهالسلام ـ وفرعون علما بها أي : بالآيات جميعا.
وكذلك قال في سورة سبأ : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) [١٩] ، وقرئ : ربنا باعد بين أسفارنا ؛ لوجود الأمرين جميعا وهو الدعاء والإجابة ؛ فقوله ـ عزوجل ـ : (رَبَّنا باعِدْ) دعاء ، وقوله (رَبَّنا باعِدْ) على الإجابة ، ففرق بينهما بالإعراب ؛ فكذلك هاهنا لما استقام وجود الوجهين من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، استقام أن يقرأ بالنصب والخفض جميعا ، ويفرق بينهما بالإعراب ، والله أعلم.
ثم يجوز أن يكون المفروض من القيام قدر ثلث الليل ، ويكون الزيادة بحكم النافلة.
ويجوز أن يكون كله مفروضا ، وإن طال ، وزاد على الثلث والنصف والثلثين ، وإن كان يجوز له الاقتصار على ثلث الليل ؛ ألا ترى أن فرض الركوع والسجود يقضى بإدراك جزء منه ، وكذلك فرض القيام [يقضى] بالجزء منه ، ثم إن الركوع وإن طال فهو من أوله إلى آخره فرض حتى لو أن داخلا شاركه في أول الركوع ، ثم رفع رأسه ، وشاركه ثالث في آخر ركوعه ، ثم رفع رأسه مع الإمام ، صار كل واحد منهم مدركا لفرض الركوع ، وإن كان الإمام لو اقتصر على جزء منه ، كفاه ذلك عن فرضه ؛ فكذلك الفرض لما انصرف إلى قيام الليل فصار جميع ما يؤتى من القيام في الليل وإن طال فرضا ، وإن كان قد يجوز الاجتزاء ببعضه (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) :
في هذه الآية ، وفي قوله ـ عزوجل ـ : (فَتابَ عَلَيْكُمْ) ـ دليل على أن فرض القيام كان على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعلى من تبعه من المؤمنين ، وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو المخصوص
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : بنقصه.