وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) :
وهم قوم نوح ـ عليهالسلام ـ وقوم عاد وثمود.
(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) :
قوم فرعون اللعين وقوم لوط ـ عليهالسلام ـ وغيرهم.
(كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) :
قيل : مجرمي هذه الأمة.
ثم اختلف في وقت فعله :
فمنهم من يقول بأن هذا الإهلاك في الآخرة ، لقوله ـ عزوجل ـ : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) [القمر : ٤٦].
ومنهم من ذكر أنه فعل بهم يوم بدر.
ومنهم من ذكر أن فعله بمجرمى أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «نصرت بالرعب مسيرة شهرين» (١) ، ألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب ؛ حتى تركوا الانتداب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه للمحاربة ، مع كثرة شوكتهم ، وقلة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فهذا فعله بالمجرمين ، وفي إلقاءه الرعب ألطف آيات رسالته ، وأبين حجة عليها إذ كان فيه ما ينبههم أن الذي أقعدهم عن القتال ، وقذف في قلوبهم الرعب أمر سماوي لا غير ، والله أعلم.
قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٤٠)
وقوله ـ عزوجل ـ : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ، معناه ـ والله أعلم ـ : إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله تعالى ، وهم كانوا يكذبون بالبعث وبالعذاب ، لكن يقال لهم هذا بعد البعث ؛ فهو منصرف إلى ما ذكرنا من العذاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) :
ذكر أن ذلك الظل دخان يخرج من جهنم ؛ فيظنون أنه ظل ؛ فينطلقون إليه ؛ رجاء أن ينتفعوا به.
__________________
(١) تقدم.