[سورة الانشقاق](١)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (١٣) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً)(١٥)
قوله ـ عزوجل ـ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) هو جواب سؤال تقدم ؛ لما ذكرنا أن حرف (إذا) حرف جواب ، وليس بحرف ابتداء ؛ فكأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن ملاقاة الأعمال متى وقتها؟ فقال ـ تعالى ـ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) فذلك وقت ملاقاة الأعمال.
وقيل : ذكر في الخبر أن أخوين أحدهما مسلم ، والآخر كافر ، قال للمسلم : أترانا بعد الموت مبعوثين؟ فقال له : بلى ، والذي خلقك والجبلة الأولين ؛ فنزلت هذه السورة تبين لهم وقت بعثهم : أنه عند انشقاق السماء ومد (٢) الأرض ونحوه.
ثم ذكر الجواب في ابتداء السورة ؛ ليكون المرء أذكر لها ؛ لأنه [يكون](٣) أوعى لها وإذا ذكر في وسط السورة ، لم يتحفظ إلا بالتلاوة ؛ ولهذا المعنى ـ والله أعلم ـ جعلت «الم» ، و «المر» و «كهيعص» و «طه» رءوس السور ؛ لأن الكفرة كانت من عادتهم الإعراض عن القرآن وترك الاستماع إليه ليفهموه ، فابتدئت السور بما ذكرت من الرموز والإشارات ؛ ليحملهم ذلك على التفكر (٤) فيه والنظر ؛ إذ لم يكن سبق منهم العلم بمعرفة ما يراد من قوله : «الم» (٥) و «الر» ثم ذكر انشقاق السماء ومد الأرض وإلقائها لما جعل فيها ؛ ليعرفوا شدة ذلك اليوم ؛ فيخافوه ، ويستعدوا له.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) ، قيل (٦) : سمعت لربها ، وأطاعت
__________________
(١) في ب : سورة : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ).
(٢) في ب : من.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : الفكر.
(٥) في ب : المر.
(٦) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٣٦٧١٦) ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر من طرق عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٤٧).