أو سماه : كريما ، حكيما ، مجيدا ؛ لما يوجد منه ما يوجد من الكرماء والحكماء والأمجاد.
وقوله : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) : منهم من حقق اللوح والقلم ، وقد وصفه أهل التفسير.
ومنهم من جعل اللوح عبارة عما يلوح ـ أي : يظهر ـ للملك من الأمر ، لا على تحقيق اللوح ، وسمت الباطنية [القلم : المبدع](١) الأول ، واللوح : المبدع (٢) الثاني ، وجعلوا المبدع الأول علة كون المبدع الثاني ، وزعموا أن المبدع (٣) الأول بذل له إنشاء المبدع الثاني ، فهو المنشئ له ، وسمت المبدع (٤) الأول : بارئا ، والمبدع (٥) الثاني : خالقا ورحمانا ، وسمت الفلاسفة المبدع الأول : عقلا والثاني : نفسا ، ثم حدث التوالد من الأنفس.
فأما جعلهم الأول أصلا وعلة ليس كما ذكروا ، فذلك يحتمل أن يجعل الأول أصلا للثاني وعلة كما استقام أن تجعل (٦) النطفة أصلا لخلق البشر ، ولكنه لا يجوز أن يسمى بواحد من الاسمين اللذين ذكرتهما الباطنية والفلاسفة ؛ لأنه لا يجوز إنشاء الأسماء لهذه (٧) الأشياء اختراعا ، بل تسميهما بما جاءت بهما التسمية من عند الحجة ، وإنما جاءت التسمية من عند الحجة باللوح والقلم ؛ فلا تسميهما بغيرهما.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مَحْفُوظٍ) ، أي : عن أعدائه ؛ فلا يتمكنون من تغييره وتبديله.
وأخبر أنه أنزل إليه على يدي رسول قوي ؛ فلا يقدر أحد أن يغلبه ؛ فيحرف ما فيه.
ووصفه بالأمانة في نفسه بقوله : (ذِي قُوَّةٍ ..). إلى قوله : (أَمِينٍ) [التكوير : ٢٠ ، ٢١] ؛ ليؤمن تغييره بنفسه ، والله الهادي للعباد والموفق للرشاد ، [ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم](٨).
* * *
__________________
(١) في ب : العلم المبتدع.
(٢) في ب : المبتدع.
(٣) في ب : المبتدع.
(٤) في ب : المبتدع.
(٥) في ب : المبتدع.
(٦) في ب : تجعله.
(٧) في أ : بهذه.
(٨) سقط في ب.