عجزه (١) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) ، أي : يظهر ما كان أخفى منها ؛ فجائز أن يكون الإظهار منصرفا إلى التي لم يطلع عليها الملائكة ؛ فتكتبها (٢) عليه ، فيذكره الله ـ تعالى ـ تلك السرائر كيف شاء ، فيقررها عليه ، أو تنطق جوارحه بها كقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ ..). الآية [النور : ٢٤].
أو يكون إظهار القراءة ما عليه ؛ فيظهر ذلك للخلق ، وإن كان قد أسرها عنهم في الدنيا ، ثم سمى ذلك : ابتلاء ؛ لأن الابتلاء هو الاختبار ، وإنما يكون الابتلاء بالسؤال ، أو بالأمر والنهي ، فسمى ما يسأل عنه في الآخرة : ابتلاء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن ليست له قوة في كتمان ذلك على نفسه ، ولا له قوة نفي العذاب عن نفسه لو كتم.
أو ما له من قوة يمتنع بها ، ولا ناصر يمنعه عن نزول العذاب به.
ووجهه : أن الكفار كانوا يفتخرون بقواهم (٣) وكثرة أنصارهم في الدنيا فكانوا يظنون أنهم لو أريدوا بالتعذيب ، دفعوا ذلك بأنصارهم ، وبما لهم من القوى ؛ فيخبر الله ـ تعالى ـ أن قواهم وكثرة أنصارهم لا تنفعهم في الآخرة ، ولا تدفع عنهم بأس الله تعالى ، وكانوا يعبدون الأصنام ؛ لتقربهم إلى الله ـ تعالى ـ وتنصرهم من العذاب ؛ كما قال : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) [يس : ٧٤] ؛ فبين أنها لا تغني عنهم من الله ـ تعالى ـ شيئا.
قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)(١٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) قال أبو عبيدة : الرجع : هو الماء ؛ أي : السماء ذات المطر (٤).
وقال غيره : (ذاتِ الرَّجْعِ) ، أي : تعود في كل عام إلى ما كانت عليه في العام الذي قبله بالمطر ، والرجع : هو العود.
__________________
(١) في ب : عجز.
(٢) في ب : فكتبها.
(٣) في ب : بقوامهم.
(٤) انظر : مجاز القرآن (٢ / ٢٩٤).