سورة الشمس
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(١٠)
قوله ـ عزوجل ـ : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها).
قالوا : تأويله (١) : والشمس وضوئها.
وقيل : وحرها.
وقيل : وبهائها.
وهذا في موضع القسم ؛ وذلك لأن الله ـ تعالى ـ جعل في الشمس معاني تدل على لطائف حكمته و [عجائب تدبيره ، وجعلها في النهاية من البركات ، وفي النهاية من الآيات ، فمن](٢) عجيب تدبيره أنه جعل نورها بحيث يهلك نور الظل حتى إذا بدت في مكان أذهبت نور الظل ، ونور السراج ، ونور القمر ، وستر نورها الكواكب عن أن ترى ، وجعلها بحيث يظهر بها هباء الهواء ، فبين أن الهواء ذا هباء ؛ ألا ترى أنك إذا نظرت في المشكاة حين سقوط الشمس فيها تبين لك بها هباء الهواء ، ولو أراد أحد من الخلائق أن يتدارك المعنى الذي به استنار هذا الشمس كل هذا لم يقف عليه.
ثم من بركتها أن بحرارتها مصالح الأغذية ، وبها مصالح النبات ، وبها ييبس (٣) الحب ، وبها تنضج الفواكه.
ومن عجيب تدبيره أنه جعلها بالنائي عن كل شيء له بها صلاح ؛ إذ لو دنت منها ، لكانت تحرق الأشياء كلها.
ومن آياتها أن جعلت بحيث تسير وتقطع كل يوم مسيرة ألف عام ما يتعذر على الذي خلق للسير والمشي قطع تلك المسافة بمدد كثيرة.
وهي أيضا تظهر جود الرب ـ جل جلاله ـ لأن منافعها تعم الخلق كلهم : برهم وفاجرهم ، والولي منهم والعدو.
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه الحاكم من طريق مجاهد عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٩٩) وهو قول مجاهد أيضا.
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : يكبس.