[سورة القدر ، وهي مكية](١)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥)
قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) : قال أهل التأويل : إن قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) ، يعني : القرآن.
ويحتمل أن يكون [قوله](٢) : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) ، يعني : السلام الذي ذكره في آخر السورة ، حيث قال : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ) :
فمن قال : أنزل القرآن في ليلة القدر ، فهم مختلفون فيه :
قال بعضهم (٣) : أنزل القرآن جملة إلى السماء الدنيا من اللوح المحفوظ في تلك الليلة ، وهي في شهر رمضان ؛ لقوله : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ..). [البقرة : ١٨٥] ، أي : أنزل من اللوح المحفوظ ، ثم أنزل من السماء الدنيا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتفاريق على قدر الحاجة من الأمر والنهي ، والحلال والحرام ، والمواعظ ، وكل ما يحتاج إليه.
وقال بعضهم : إنما (٤) أنزل من اللوح المحفوظ في تلك الليلة المقدار الذي يحتاج إليه إلى العام القابل جملة ، ثم ينزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم نجوما بالتفاريق ، والله أعلم.
ثم لا ندري أن تلك الفضيلة التي جعلت لهذه الليلة ؛ لفضل عبادة جعلت فيها ، امتحن الخلق بأدائها على الترغيب والأدب ، أو فضلت لمكان ما امتحن الملائكة وكلفهم بالنزول فيها والعبادة لله في الأرض ، وإنزال القرآن ، ونحو ذلك ؛ أو لحكمة (٥) ومعنى فضلت لم يطلع على ذلك المعنى أحد ، وقد جعلت لبعض الأمكنة الفضيلة لعبادات جعلت فيها ، نحو ما ذكر : «صلاة واحدة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره ، [وصلاة واحدة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة في غيره](٦) سوى المسجد (٧) الحرام» (٨).
__________________
(١) في ب : ذكر أن سورة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) مدنية.
(٢) سقط في ب.
(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن الضريس ، وابن جرير (٣٧٦٩٧) ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٢٨).
(٤) في ب : أي.
(٥) في ب : بحكمة.
(٦) سقط في ب.
(٧) في ب : مسجد.
(٨) تقدم.