الموت ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا ..). [غافر : ٨٤] ، ونحو ذلك.
وذكر في حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين ، وفي حرف أبي : ما كان الذين أشركوا من أهل الكتاب والمشركين.
ثم اختلف في قوله ـ عزوجل ـ : (مُنْفَكِّينَ) :
قال بعضهم : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منتهين ، زائلين عن الكفر والشرك حتى تأتيهم البينة.
وقال بعضهم : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين خارجين من الدنيا حتى تأتيهم البينة.
ثم اختلفوا في البينة التي ذكر أنها تأتيهم :
قال بعضهم (١) : البينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ حيث قال على أثره : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً).
وقال بعضهم : ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو القرآن ، وما جاء به محمد [رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٢) من الحجج :
فمن جعل قوله : (مُنْفَكِّينَ) : منتهين ، زائلين ، يجعل البينة : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورسول الله ـ عليهالسلام ـ [سمى](٣) بينة ؛ لأنه به يعرف [كل](٤) خير وكل إحسان ، وبه يتبين الحق من الباطل ، وكل شيء من أمر المعاد والمعاش ، وكذلك القرآن جاء به.
ومن قال : (مُنْفَكِّينَ) : خارجين من الدنيا : يجعل البينة التي ذكر أنها تأتيهم : العذاب معاينة جهارا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ..). [النساء : ١٥٩] ، أي : خارجين من الدنيا ؛ حتى يعلموا العذاب ؛ فعند ذلك يؤمنون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) :
على التأويل الأول في البينة يكون ما ذكر من قوله : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ) تفسيرا للبينة.
وعلى الثاني يخرج على الابتداء ، يقول : رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتلو صحفا مطهرة.
ثم جائز أن يكون سمى القرآن وحده : صحفا ؛ على المبالغة ؛ إذ قد يسمى الواحد باسم الجميع على المبالغة.
__________________
(١) قاله ابن جريج وعكرمة أخرجه ابن المنذر عنهما كما في الدر المنثور (٦ / ٦٤٢).
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.