فيكون عدتهما بالأشهر ؛ فلذلك قلنا : إن هذا الارتياب في عدة الآيسات والصغائر.
ثم من قول أصحابنا : إن الرجل إذا طلق امرأته الآيسة أو الصغيرة أو الحامل للسنة يطلقها متى شاء ، وليس له وقت معين في طلاقها للسنة ، وإنما كان كذلك ؛ لأنا قد وصفنا في قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) : أن المراد منه : لقبل عدتهن ، ومعلوم أن عدة التي ترى الحيض أحد شيئين : إما الدم (١) ولم يعتبر ما يقابله (٢) وهو الطهر من العدة ، وكذلك من جعل عدتها بالأطهار لم يعتبر ما يقابلها وهو الحيض من العدة ، وإذا كان كذلك لم يكن بد من أن يكون هاهنا شيء يقابل عدتها ؛ فثبت فيه معنى قبل عدتها ؛ فجعل ذلك الطهر ، وأما الآيسة والصغيرة والحامل فجميع أيامها من عدتها ، وهي (٣) ثلاثة أشهر ، وليس في أيامها شيء يقابل عدتها ، فلذلك قلنا : إن له أن يطلقها في أي وقت شاء ، وكذلك (٤) له أن يطلق الحامل التي من ذوات الأقراء ؛ وذلك لأنه إنما نهي ـ عندنا ـ عن الطلاق على أثر الجماع في التي تحيض ؛ لتوهم أن يكون الجماع أحبلها ، فإذا طلقها [ثم أراد](٥) نفي الحبل في العدة ، لم يتهيأ له ذلك ، وأما الآيسة والصغيرة والحامل ، فليس فيهن هذا التوهم ، والله أعلم.
ثم إن هذه العدة وإن ذكرها في هذه السورة (٦) على أثر الطلاق الواحد ؛ فكأنها في التطليقات الثلاث ؛ لأن هذه العدة مكان العدة التي ذكر الله تعالى في سورة البقرة من قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] ؛ لأنه ذكر هاهنا : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) على الإجمال وذكرها ثمّ على التفسير ؛ فإذا التحق التفسير بالمجمل يصير في المعنى والحكم كأنه واحد ، ومعلوم أن تلك في الواحدة والثلاث ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) [البقرة : ٢٢٩] وقوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) هي التطليقة الثالثة.
وإذا كان الأمر على ما وصفنا ، ثبت أن للمرء أن يطلق امرأته الحامل للسنة ثلاثا ، والله أعلم.
قال ـ رحمهالله ـ : في (٧) قوله : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) أوجه من الفقه :
__________________
(١) في ب : تعبد.
(٢) في ب : يقابلها.
(٣) في ب : وهو.
(٤) في ب : كذا.
(٥) في ب : وأراد.
(٦) في أ : الصورة.
(٧) في ب : ثم.