تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ١٠ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
NaN%100%NaN%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ١٠ ]

سورة العصر (١)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ)(٣)

قوله ـ عزوجل ـ : (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) ، خرج قوله : (وَالْعَصْرِ) مخرج القسم ، والقسم موضوع في الشاهد ؛ لتأكيد ما ظهر من الحق الخفي ، أو لنفي شبهة اعترضت ، أو دعوى ادعيت ؛ فكذلك في الغائب.

ثم الأصل بعد هذا : أنه ليس في جميع القرآن شيء مما وقع عليه القسم إلا إذا تأمله المرء واستقصى فيه ، وجد فيه المعنى الذي أوجبه القسم لو لا القسم.

ثم اختلفوا في تأويل قوله : (وَالْعَصْرِ) :

فمنهم من قال : هو الدهر والزمان.

ومنهم من قال (٢) : هو آخر النهار ، فذلك وقت يشتمل على طرفي النهار ، وهو آخر النهار وأول الليل ؛ فكأنه أراد به : الليل والنهار.

وقال أبو معاذ : تقول العرب : «لا أكلمك العصران» ، يريدون : الليل والنهار ، وفي مرور الليل والنهار مرور الدهور والأزمنة ؛ لأنهما يأتيان على الدهور والأزمنة وما فيهما ؛ فكان في ذكر الليل والنهار ذكر كل شيء ، والقسم بكل شيء قسم بمنشئه ؛ لأن كل شيء من ذلك [إذا] نظرت فيه ، دلك على صانعه ومنشئه.

وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) ، إن الدنيا وما فيها كأنها خلقت وأنشئت متجرا للخلق ، والناس فيها تجار ؛ كما ذكره في غير آي من القرآن ، قال الله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة : ١١١] ، وقال : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الصف : ١٠] ، أي : إن الإنسان لفي خسار من تجارته ومبايعته (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..). الآية.

ولقائل أن يقول : كيف استثنى أهل الربح من أهل الخسران ، ولم يستثن أهل الخسران (٣) من أهل الربح؟! فيقول : «إن الإنسان لفي ربح إلا الذين كفروا» ، واستثناء هذه الفرقة من تلك أولى في العقول من تلك؟!

__________________

(١) في ب : والعصر.

(٢) قاله ابن عباس بنحوه أخرجه ابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٦٧).

(٣) في ب : الخسر.