الناس وأرحمهم على خلقه ، فبلغ من حسن إجابته له ، وطاعته له أن (١) ساق مائة بدنة ، فنحر ستين منها بيده ، وولى عليا ـ رضي الله عنه ـ نحر أربعين ؛ على ما ذكر في الخبر.
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس (٢) ـ رضي الله عنه ـ قال : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) : وضع اليمين على الشمال في الصلاة ، وكذا روي عن على ، رضي الله عنه (٣).
وعن عاصم الجحدري ، قال : هو وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
ومن قول الثنوية : أنهم لا يرون ذبح شيء من الأشياء ؛ لما فيه من الألم والأذى.
وقولهم هذا ليس بصحيح ؛ لأنا نعلم أن إفاتة الروح بالذبح أهون على المذبوح من موته حتف أنفه ؛ فإذا جاز في الحكمة أن تزهق روحه بغير الذبح فلأن يجوز في الذبح أحق.
وأصله : ما ذكرنا أن هذه السورة نزلت في مخاطبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو المقصود به من بين الناس ، وهو يعلم بالذي خاطبه به من الصلاة ؛ والنحر ، والكوثر ، وغير ذلك ؛ فلا نتكلف نحن تفسيره مخافة الكذب على الله ـ تعالى ـ سوى أن نذكر أقاويل أهل التأويل.
وكذلك قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) يذكر أهل التأويل : أن فلانا سمى (٤) رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أبتر ؛ فنزل : إن الذي سماك أبتر هو الأبتر ـ لا نعرفه حقيقة ؛ لأنه لم يذكر أن أحدا من أولاد الفراعنة وأعداء الرسل ـ عليهمالسلام ـ افتخر بأبيه أو بأحد (٥) من أوليائه (٦) والمنتمين بهم افتخروا بهم ، وافتخر أولاد أولياء رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الناس حتى يتعينوا (٧) بذلك فيما بينهم ؛ يقول : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي : معاديك ومبغضك هو الأبتر دونك.
أو يقول : أعداؤك هم الذين يبتر ذكرهم ، وأولياؤك (٨) مذكورون أبدا على ما قلنا.
__________________
(١) في ب : وإن.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ، وابن شاهين في السنة وابن مردويه ، والبيهقي كما في الدر المنثور (٦ / ٦٨٩).
(٣) أخرجه ابن جرير (٣٨١٨٤ ، ٣٨١٨٨) ، وابن أبي شيبة في المصنف ، والبخاري في تاريخه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني في الأفراد ، وأبو الشيخ ، والحاكم ، وابن مردويه والبيهقي في سننه عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٦٨٩).
(٤) في ب : يسمي.
(٥) في ب : أحد.
(٦) في ب : أوليائهم.
(٧) في أ : يتعيشوا.
(٨) في أ : وأولئك.