بعض حملهن ، والله تعالى جعل أجلهن أن يضعن حملهن ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
فقد وصفنا أن التقوى إذا ذكر مطلقا مفردا ، تناول الأوامر والنواهي ، فكأنه قال : ومن يتق الله في أوامره أن يضيعها أو في نواهيه أن يرتكبها ، يجعل له من أمره يسرا.
[ثم قوله : (يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
له وجهان :
أحدهما : له من أمره يسرا](١) في نفس التقوى أن نيسره عليه ، كما قال في قوله : [(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) [الحاقة : ١٩] ، وفي قوله](٢) : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) [الليل : ٥ ـ ٧] يعني : ييسر عليه فعل التقوى والطاعة ، فكذلك الأول.
ويحتمل أن يكون في جميع الأمور في المكاسب والتجارات وغيرها : أن من اتقى الله من الحرام ييسر الله عليه الحلال ، ومن اتقى الله من الشبه يسر عليه في المباح ، ومن يتق الله في تجارته ، رزقه ما يرجو من الربح ويأمله ، وكذلك جميع الأمور على هذا السبيل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون معنى قوله : (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ) أي : ذلك التقوى أمر الله أنزله إليكم.
ويحتمل أن يكون أراد (٣) بقوله : (ذلِكَ) ما تقدم من الآيات في المراجعة والإشهاد والطلاق والعدة وغير ذلك : أنها وإن خرجت في الظاهر مخرج الخبر ، فإنها كلها أمر الله تعالى ، أنزله إليكم ؛ فاتبعوها وخذوا بأمره فيها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً).
هذا يدل على ما وصفنا : أن التقوى إذا ذكر مفردا انتظم الأمر والنهي جميعا ، ألا ترى إلى قوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤] ، وقال هاهنا : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ). فجعل التقوى تكفر السيئات ، فلو لا أن في التقوى أعظم الحسنات ، لم يكن لقوله : (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) معنى ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) ، وفي قراءة عبد الله بن
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : المراد.