[سورة «تبت يدا أبي لهب»](١)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)(٥)
قوله ـ عزوجل ـ : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) :
أي : خسرت ، وخابت ، كذلك قال أبو عوسجة ، يقال : تب يتب تبا وتبابا.
ثم ما ذكر من قوله : (يَدا أَبِي لَهَبٍ) يحتمل حقيقة اليد.
ويحتمل أن يكون ذكر اليد على الصلة.
فإن كان على إرادة حقيقة اليد ، فهو يخرج على وجوه :
أحدها : ما ذكر : أنه [كان](٢) كثير الإحسان إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والإنفاق عليه ، والصنائع إليه ، وكان يقول : إن كان الأمر لمحمد يومئذ ؛ فيكون لي عنده يد ، وإن كان لقريش فلي عندها يد ؛ فأخبر ـ والله أعلم ـ أنه خسر فيما طمع ورجا من اليد التي له عنده والإحسان الذي أحسن إليه ؛ إذ لم يصدقه ، ولم يؤمن به ، وخسر ـ أيضا ـ ما ادعى من اليد له عند قريش.
والثاني : يحتمل أن يكون من أبي لهب تخويف لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالبطش والأخذ باليد ؛ فأمن الله ـ تعالى ـ رسوله عما خوفه [به](٣) ، حيث قال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) ، أي : خسرت يداه ، ولا يقدر على البطش.
والثالث : يحتمل أن يكون اليد كناية عن القوة في نفسه وماله في دفع العذاب عن نفسه ، وكذلك كانوا يدعون دفع العذاب عن أنفسهم ؛ بقولهم : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ : ٣٥].
وذكر بعض أهل التأويل : أنه لما نزل قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] ، جمع عشائره الأقرب فالأقرب منهم ، وقال : «إني لا أملك لكم من الله نفعا في الدنيا والآخرة إلا بعد أن تقولوا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله» فقال أبو لهب عند ذلك : «تبا لك يا محمد ، ألهذا دعوتنا؟!» فنزل عند ذلك : (تَبَّتْ يَدا
__________________
(١) في ب : سورة تبت.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.