إليه ، ويكون واحدا من حيث العدد بما عن مثله يبتدأ الحساب ، ولا يبتدأ من أحد ؛ فيصير أحدا من ذا الوجه ، وإن كان الله ـ تعالى ـ بأي حرف (١) ذكر ، ففيه ذلك ، وهو الواحد الذي يستحيل أن تكون وحدانيته من وجه يحتمل ثانيا ، أو من وجه تعديل ، هو الواحد الإله الحق (٢) المتعالي عن معنى الأعداد والأنداد ، وهو على ما ذكر الحكيم في الآحاد أنها أربع :
واحد هو كلّ لا يحتمل التضعيف ؛ لإحالة كون وراء الكل.
وواحد هو الأقل ، وهو الذي لا يحتمل التضعيف والتجزؤ ؛ لأنه أقل الأشياء ، [فإذا تنصف يكون](٣) ذلك النصف أقل منه.
وواحد هو وسط ، وهو الذي يحتمل التنصيف والتضعيف جميعا.
والرابع : هو الذي قام به الآحاد هو ، ولا هو أخفى من هو ، هو الذي انخرس عنه اللسان ، وانقطع دونه (٤) البيان ، وانحسرت عنه الأوهام ، وحارت فيه الأفهام ، فذلك الله رب العالمين.
والأصل في ذلك : أنه لا سبيل إلى العبارة عنه بغير هذا اللسان ، ولا وجه للتقريب إلى الأفهام بهذا اللسان إلا بما جرى به الاعتياد ، وظهرت به المعارف ؛ فلما ذكرنا من الضرورة جعل التوحيد في الحقيقة بالأدلة والبراهين في ضمن التسمية في عبارة اللسان ، وحقه مما أخبرت من ضرورات الأحوال في إرادة التقريب إلى الأفهام إلى عبارات اللسان المؤسس على الاعتياد في إظهار المعارف ؛ فعلى ذلك القول ب «واحد» ، وب «أحد» ، لا على أحدية غيره من جهة التوسط ، أو من جهة القلة ، أو من جهة الكثرة ، مع ما كل من هو في معنى واحد ، فهو واحد الآحاد المجتمعة ، إلا الواحد الذي يقال جزء لا يتجزأ ، وهو من غير في الجملة متجزئ عن توهم ذلك الجزء غير متجزئ في الوهم ، أو هو الأقل منه ، وهو جزء في الحقيقة ، والله يتعالى (٥) عن الوصف بالكل والبعض ، والقليل والكثير ، والواحد مما له حق الأبعاض ، أو الكل ، أو رتبة القليل والكثير ، جل ثناؤه ؛ بل هو الذي [خلق](٦) جميع ما وصفت ، وجعل لكل من ذلك مقابلا بما ذكر ؛ ليصير كل من
__________________
(١) في أ : حرفين.
(٢) في أ : الخالق.
(٣) في أ : وإذا يتصف بكون.
(٤) في ب : عنه.
(٥) في ب : متعالي.
(٦) سقط في ب.