[الأنبياء : ٨٧] ، أي (١) : فظن أن لم نضيق عليه ، وكذلك قوله : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) [العنكبوت : ٦٢] ، يعني : ويضيق عليه ، أي : من ضيق (٢) عليه ، فلينفق نفقة ضيقة ؛ فذلك قوله : (فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها).
فهو يدل على أن العباد ما اكتسبوا من الأموال ، فهي كلها مما آتاهم الله تعالى ، وأن لله ـ تعالى ـ في أفعال العباد وفيما يكتسبونه من الأموال صنعا وتدبيرا ؛ لأنه لو لا ذلك ، لكان يجوز أن يكلفه الله تعالى وإن لم يؤتها لهم ، إذا كان في قدرته أن يكتسب ما لم يؤته الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً).
هذا دليل على أنه إذا عجز عن نفقة امرأته ، لم نفرق بينها وبينه ؛ لأنه إذا فرق بينهما ، لم نصل إلى زوج ينفق عليها للحال ، بل نحتاج فيه إلى انقضاء العدة ، وقد يتوهم في خلال ذلك أن يوسر الزوج ؛ لأن إنجاز وعد الله تعالى في اليسار بعد العسر أقرب من قدرتها على زوج ينفق عليها ، وليس هذه كالأمة ؛ لأنه إذا باع الأمة دخلت في ملك آخر ينفق عليها ، والله أعلم.
ثم يجوز أن يكون قوله : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) وعدا لجميع الأمة أن من ابتلى بالعسر يتبعه اليسر.
ويجوز أن يكون خطابا لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين كانوا في عسر وضيق عيش ، فوعدهم الله ـ تعالى ـ بعد ذلك العسر الذي كانوا فيه يسرا ، وقد أنجز ذلك الوعد حيث فتح لهم الفتوح ، ونصرهم على أعدائهم ؛ فغنموا أموالهم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١) اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(١٢)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ) ، وصف الله تعالى القرية
__________________
(١) في ب : يعني.
(٢) في أ : قدر.