إلى الله ، وإلا فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين فيكون الجزاء فيه مضمرا.
وجائز أن يكون جزاء صنيعهن أن يطلقهن ، فكأنه قال : إن تتوبا إلى الله وإلا طلقكن ، فيكون في هذا أنه حبب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهن حتى اشتد عليهن الطلاق ، وخرج الطلاق مخرج العقوبة لهن على صنيعهن ، والله أعلم.
وقوله : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما).
أي : مالت عن الحق الذي لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عليكما ، وحق الرسول ـ عليهالسلام ـ حق عظيم يرد فيه العتاب بأدنى تقصير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ).
هذا في الظاهر معاتبة ؛ فينبغى أن يذكر على المخاطبة ، فيقال : وإن تظاهرتما عليه ، كما قال تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) ، قيل : جائز أن يكون معنى قوله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) تامّا ورجعت على إرادة المعاتبة ، وإن كان اللفظ لفظ المخاطبة ، ولكن الصحيح : أن قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا) على المخاطبة ، معناه : وإن تتظاهرا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ).
حق هذا أن يقف عليه ثم يقول : (وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) ؛ حتى لا يتوهم أن غير الله تعالى مولاه ، ثم ذكر هذا إبلاغ في التهويل ، وإلا فالواحد من هؤلاء المذكورين يكفي لأزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك في ذكر عقوبتهن إذا وجد منهن الخلاف [في قوله](١) : (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) [الأحزاب : ٣٠].
والأصل : أن المبالغة في [التأديب مما يعين المؤدب على حفظ الحدود ، وكذلك المجاوزة في](٢) حد العقوبة معونة له في تأديب النفس ؛ حتى يملك حفظ نفسه عما تدعو إليه نفسه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ).
قيل (٣) : (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) : أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ وذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما طلق حفصة دخل عليها عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : «لو علم الله ـ تعالى ـ في آل عمر خيرا ما طلقك رسول الله» (٤) ، فنزل جبريل ـ عليهالسلام ـ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في ب : بقوله.
(٢) سقط في ب.
(٣) قاله ابن عباس أخرجه ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٣٧٣) وهو قول مجاهد والضحاك وعكرمة وغيرهم.
(٤) أخرجه الحاكم كما في الدر المنثور (٦ / ٣٧٤).