ذكر أبو بكر أن العابد لا يسمى : عابدا حتى يتطوع ، فإن كان على هذا ، ففيه أنهن يقمن بأداء (١) الفرائض ، ويتطوعن مع ذلك.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : «كل عبادة في القرآن فهي توحيد ؛ فالعابدات : الموحدات» ، والموحد هو الذي يصدق أن خالق الخلق كله واحد لا شريك له ؛ فجائز أن يكون العابد موحدا ؛ لأنه يعمل لله تعالى خالصا لا يشرك في عبادته (٢) أحدا ؛ فيكون فيه (٣) معنى التوحيد ولكن من حيث الفعل ؛ فيكون أحد التوحيدين بالقول والثاني بالمعاملة والفعل.
وقيل : العابد هو الذي يؤدي الفرائض.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سائِحاتٍ).
هو الذي يسيح في الأرض بغير زاد ، فسمي الصائم : سائحا ؛ لما (٤) كف نفسه عن التناول من الزاد ، فقوله : (سائِحاتٍ) أي : صائمات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) لم يرد بهذا أنه ينشئ نسوة أبكارا وثيبات ، ولكن معناه : أنه يبدله من كن بهذا الوصف ، ثم جمع بين الثيبات والأبكار ؛ لأن الثيبات مما يقل رغبة الخلق فيهن ، وينفر عنه الطبع ، فجمع بينهما في موضع الامتنان على الرسول صلىاللهعليهوسلم ؛ لئلا تصرف كل الرغبة إلى الأبكار ، بل يتزوجوا الثيبات كما يتزوجون الأبكار ، والله أعلم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً).
__________________
(١) في أ : يقمن على أداء.
(٢) في ب : عبادة الله.
(٣) في ب : فيها.
(٤) في ب : بما.