بعد هذا الوصف السابق أشار لهم بإشارة البعيد فقال : إن أولئك المنافقين بتركهم الطريق المستقيم والأدلة الظاهرة والواضحة على صحة هذا الدين ـ بتركهم هذا حسدا وبغيا ـ كأنهم دفعوا الهدى ثمنا للضلالة والخسارة في الدنيا والآخرة ، وما ربحوا في هذا التجارة ، وما أظهر خسارتهم في هذه الصفقة! وهكذا كان شأنهم دائما.
ضرب الأمثال لهم
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)
المفردات :
(المثل) : الصفة والقصة الغريبة ، والمراد أن حالهم تناهت في الظهور والوضوح حتى أضحت كالمثل الذي لا ينكر. (الصّيّب) : المطر الكثير النازل. (رَعْدٌ) الرعد : هو صوت احتكاك الهواء. (الْبَرْقُ) : نور خاطف ينشأ من شرارة كهربائية : (الصَّواعِقِ) : جمع صاعقة ، وهي : الرعد الشديد ، وقيل : إنها من آثار الكهرباء في الجو ينشأ عنه احتراق بعض الأجسام.