المفردات :
(مُحْكَماتٌ) : ظاهرات الدلالة لا خلاف في معناها. (مُتَشابِهاتٌ) يقال : اشتبه الأمر عليه : التبس ، فالمتشابهات التي لم يظهر معناها ويتضح بل خالف ظاهر اللفظ المعنى المراد ، وقيل : ما استأثر الله بعلمه. (زَيْغٌ) : ميل عن الحق. (تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) : معرفة حقيقية وبيان ما يؤول إليه في الواقع. (الرَّاسِخُونَ) : الثابتون في العلم المتأكدون منه.
المعنى :
كان النصارى يستدلون ببعض آيات القرآن التي يفيد ظاهرها تميّز عيسى على غيره من البشر كقوله في شأن عيسى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [سورة النساء آية ١٧١] ، على أنه ثالث ثلاثة أو هو الإله أو ابنه ... إلخ فيرد الله عليهم : إن القرآن الذي أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم بعض آياته محكمات واضحات ظاهرات لا خلاف بين ظاهر اللفظ والمعنى المراد منها كقوله ـ تعالى ـ مثلا : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [سورة الإسراء آية ٢٣]. وكقوله في شأن عيسى : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) [سورة الزخرف الآية ٥٩] وكآيات الأحكام مثل : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) [سورة الأنعام آية ١٥١] ، وهكذا المحكم كل ما لا يحتمل من التأويل المعتد به إلا وجها واحدا.
وهنّ ـ أى : المحكمات ـ أمّ الكتاب وعماده ومعظمه وأصله الذي دعى الناس إليه ويمكنهم فهمه ، وعنها يتفرع غيرها ويحمل عليها ، وهي أكثر ما في القرآن. فإن اشتبه علينا من الآيات آية ردت إلى المحكم وحملت عليه ، مثلا قوله تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء ١٧١] ترد وتحمل على قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) [الزخرف ٥٩] وقوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) [آل عمران ٥٩] بمعنى أننا نؤمن بأن الكل من عند الله وأنه لا ينافي الأصل المحكم.
وأما الآيات المتشابهات كقوله ـ تعالى ـ في عيسى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء ١٧١]. وكقوله : (مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [آل عمران ٥٥] في شأن عيسى. وكقوله ـ تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه ٥] (يَدُ اللهِ فَوْقَ