ينزل بهم ما نزل بقريش ، فقالوا : لا يغرنك أنك لاقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة لئن قاتلتنا لعلمت أنّا نحن الناس ، فنزلت الآية.
قل لهم يا محمد : ستغلبون أيها اليهود عن قريب في الدنيا ولا يغرنكم مالكم وأولادكم فالأمر ليس بكثرتهم وإنما هو بيد الله ـ سبحانه وتعالى ـ وقد تحقق هذا ، بقتل بنى قريظة وإجلاء بنى النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من عداهم ، وهذا من أوضح الشواهد على صدق محمد صلىاللهعليهوسلم ورسالته.
وستحشرون في الآخرة إلى جهنم وبئس المهاد ما مهدتم لأنفسكم.
وتالله لقد كان لكم آية عظيمة دالة على صدق ما يقوله القرآن لكم : من أنكم ستغلبون ؛ آية في جماعتين التقتا كانت إحداهما معتزة بكثرتها مغرورة بمالها وعددها كافرة بالله وتقاتل في سبيل الشيطان.
والأخرى فئة قليلة العدد صابرة مؤمنة بالله تقاتل في سبيل الله.
وقد كان الأمر كذلك في موقعة بدر فقد كان المسلمون ثلاثمائة رجل تقريبا والكافرون حوالى الألف.
ومع هذا فقد رأى المؤمنون الكافرين مثلهم فقط لأن الله قللهم في أعينهم حتى يقاتل الرجل المسلم رجلين (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [سورة الأنفال آية ٦٦]. ويصح أن يكون المراد أن المؤمنين يرون أنفسهم مثلي ما هم عليه من العدد حتى يطمئنوا وتقوى روحهم ، وجملة القول أن الآية ترشدنا إلى الاعتبار بمثل الواقعة المشار إليها فقد غلبت فئة قليلة فئة كثيرة بإذن الله ، والله مع الصابرين ، ولذلك قال : إن في ذلك لعبرة لأصحاب الأبصار الصحيحة التي تنظر فتفكر فتعتبر.
الإنسان وشهواته في الدنيا
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)